منوعات

شهادة الجيران بالخير لبعضهم

شهادة الجيران بالخير لبعضهم 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي نزّل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرا بصيرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فاللهم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن شهادة الجيران بالخير لبعضهم بعضا سبب لمغفرة ذنوبهم وستر عيوبهم، ففي الحديث الشريف يقول النبي صلي الله عليه وسلم “ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال الله تعالى قد قبلت فيه علمكم وغفرت له ما لا تعلمون” وكما أن الإحسان إلى الجار سبب للرفعة والكرامة عند الله في الدنيا والآخرة، ففي الحديث الشريف يقول النبي صلي الله عليه وسلم.

“خير الأصحاب عند الله عز وجل خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره” وكما أن الجوار الصالح من أسباب السعادة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال “أربع من السعادة المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء” فسلوا ربكم الجوار الصالح في الدنيا، وسلوه الجوار الصالح في الآخرة، فقد دعت المؤمنة الصالحة امرأة فرعون ربها فقالت ” رب ابني لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ” وتعوذوا بالله من جار السوء في الدنيا، وتعوذوا بالله من جار السوء في الآخرة، فقد تعوذ منه نبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم إذ قال ” اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحول” واعلموا أن الجار من أقرب الناس مكانا إلى الفرد.

وفي بعض الأوقات له أهمية تفوق القريب أو الأخ الشقيق، وهو عضو فاعل في المجتمع القريب من الفرد، فالمجتمع عامة مجموعة من الناس المتجاورين سكنا، المتواصلين حبا، لذا خصه الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم بكثير من الوصايا التي تحرض على الإعتناء به، أما الضيف فهو كل ما جاء زائرا من غير أهل بيت الفرد، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” فمن كثرة وصايا جبريل عليه السلام في حق الجار، ظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيورّث الجار، ولفظ الجار هو عام غير محدد، يشمل القريب والأقرب، وعن أبي شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل ومن يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه”

فقد نفى الإيمان عن الشخص الذي يتوقع جاره غدره، وهذا دلالة على سوء خلق المرء، وسوء سمعته بين الناس، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقيس إيمان الفرد بمقياس سلوكي، والمقياس ليس عاما، بقدر ما هو خاص، وخاص في وجهة نظر الجار فهو أقرب الناس مكانا، وهو الأكثر اطلاعا على سلوك الفرد، فلا بد من الإحسان للجار، ونفس المعيار السلوكي الذي يحكم على إيمان الفرد في أحاديث أخرى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” وهذا الحديث لا يقتصر على الجار فقط، بل يتعدى لكل ما هو إنساني الضيف، الجار، وكل من يتحدث معه المرء.

وإنه حديث التعامل مع المجتمع، المجتمع القريب الذي يقابله المرء في حياته، فالضيف يزور المرء في بيته أو موضع عمله، والجار قريب للمرء مكانا، ويحدث اللقاء بشكل متكرر، ثم كل من يتكلم معه الفرد في الحياة، كلاما بسيطا عاديا أو على قدر من الأهمية، فالخير لابد أن يكون قاسما مشتركا في الحديث، وإلا الصمت أبلغ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى