أخبار مصر

رمضان عرفة يكتب.. واشنطن تلحق برؤية مصر تجاه الاخوان

رمضان عرفة يكتب.. واشنطن تلحق برؤية مصر تجاه الاخوان

من موقعي كمراقب للشأن الدولي وتحولات جماعات الإسلام السياسي، لم يكن بإمكاني تجاهل وقع الخطوة التي وصفتها الأوساط السياسية والاعلامية بالانقلاب التاريخي في السياسة الأمريكية، فقد أعلن البيت الأبيض بدء إجراءات رسمية لتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية، وإدراج عدد من قياداتها على قوائم الإرهابيين العالميين، هذه الخطوة، التي طال انتظارها، لا تمثل تحولا أمريكيا فحسب، بل تجسد اعترافا دوليا متجددا بصواب الرؤية المصرية تجاه هذه الجماعة منذ عام 2013، حين كشفت الدولة المصرية مخططاتها وقدمت للعالم الأدلة الدامغة على تورطها في العنف وتهديد الأمن القومي.

فمنذ أن قررت مصر، عبر أجهزتها الأمنية والمؤسسات القضائية، حظر الجماعة وتصنيفها إرهابية، تحاول بعض الأطراف الخارجية التشكيك في هذا القرار أو التقليل من خطورته، لكن اليوم، يأتي الإعلان الأمريكي ليؤكد أن مصر كانت سباقة وصاحبة رؤية واضحة، وأن تصنيف الإخوان إرهابيين ليس قرارا سياسيا، بل واجبا أمنيا وضرورة لحماية الدول من فكر هدام ومتطرف.

الإدارة الأمريكية أوضحت في بيانها أن فروعا من الجماعة ضالعة في دعم تنظيمات مسلحة، وأن بعض قياداتها حرضت على استهداف مصالح أمريكية وإقليمية، وهذه الاتهامات ليست جديدة على مصر، فهي نفس الأدلة التي كشفتها مؤسسات الدولة، ودفعت لاتخاذ الإجراءات الحاسمة ضد الجماعة.

لطالما قدمت جماعة الإخوان نفسها للعالم ككيان دعوي، لكنها في الحقيقة اعتمدت منذ تأسيسها على التنظيم السري، والخلايا المسلحة، واستخدام الدين غطاء لأهداف سياسية، وقد شهدت مصر خلال فترة حكم الإخوان اضطرابات غير مسبوقة، ومحاولات لإسقاط الدولة، والسيطرة على مؤسساتها، وإقامة كيانات موازية تمهد لاختطاف الوطن، فما تكشفه أمريكا اليوم ليس سوى قمة جبل الجليد من تاريخ طويل من التحريض والتجنيد وتمويل الإرهاب، مارسته الجماعة في دول عدة، تحت مظلة تنظيم دولي يعمل عبر الحدود.

خطوة الإدارة الأمريكية تمثل انتصارا جديدا للدولة المصرية وللمؤسسات الأمنية التي خاضت معركة شرسة ضد الإرهاب الفكري والتنظيمي للإخوان، وهي رسالة واضحة بأن العالم بدأ يقتنع — ولو متأخرا — بأن لا استقرار في الشرق الأوسط دون تجفيف منابع الجماعة، ولا أمن حقيقي دون تفكيك شبكاتها الإقليمية، كما أن القرار الأمريكي سيعزز من قدرة مصر على مطاردة عناصر التنظيم الهاربة في الخارج، ويضيق الخناق على من يحاول استخدام أراضي دول أخرى كملاذ آمن لنشاط الجماعة وتمويلها، وإذا مضت واشنطن في إجراءات التصنيف، فإن تداعياته ستكون واسعة، ومنها، تجميد أصول ممتلكات قياداتها في الخارج، وملاحقة دولية لعناصر التنظيم، و تضييق قانوني ومالي يحد من نشاط الأذرع السياسية والتنظيمية، و كشف شبكات الدعم التي يعتمد عليها التنظيم الدولي، والأهم من ذلك، أن هذه الخطوة قد تشجع دولا أخرى — عربية وغربية — على مراجعة مواقفها من الجماعة، والاقتراب أكثر من الرؤية المصرية التي أكدت أن الإخوان ليست جماعة سياسية، بل مشروع أيديولوجي خطير يهدد الدولة الوطنية الحديثة.

ان قرار البيت الأبيض هو تأكيد جديد على أن مصر كانت في مقدمة الدول التي واجهت الخطر قبل أن يدركه الآخرون، وأن معركة الدولة ضد الإخوان لم تكن صراعا سياسيا، بل معركة وجود لحماية كيان الدولة وأمن الشعب واستقرار المنطقة.

ومع بدء أمريكا السير في الطريق الذي سلكته مصر قبل سنوات، فإن الرسالة الأوضح للعالم هي، من أراد فهم حقيقة الإخوان، ينظر إلى ما فعلته مصر… وإلى ما اعترفت به واشنطن أخيرا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى