تحليل رؤية مصر في دعم القضية الفلسطينية رغم التحديات
بقلم د / هاني المصري
تتمتع مصر بتاريخ طويل من دعم القضية الفلسطينية، حيث لعبت أدوارًا محورية في مختلف المراحل التاريخية للصراع العربي الإسرائيلي. وبالرغم من التحديات الاقتصادية والضغوط الأمنية التي تواجهها داخليًا وخارجيًا، لم تتراجع عن التزامها بمساندة الحقوق الفلسطينية، سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي أو الإنساني. هذه الرؤية تعكس ثوابت السياسة المصرية، التي توازن بين مسؤولياتها الإقليمية ومصالحها الوطنية.
—
أولًا : الدوافع التاريخية والسياسية لموقف مصر
1. الارتباط التاريخي والجغرافي
– مصر بحكم موقعها الجغرافي كدولة جوار مباشر لفلسطين كانت دومًا معنية بهذا الصراع، ليس فقط من منطلق قومي، ولكن أيضًا بسبب تأثيره المباشر على أمنها القومي.
– خاضت مصر عدة حروب دعماً لفلسطين، وأبرمت اتفاقيات سلام بما يخدم الحل العادل للقضية الفلسطينية.
2. الدور القيادي في المنطقة
– باعتبارها الدولة العربية الأكبر، تتحمل مصر مسؤولية سياسية تجاه القضية الفلسطينية، وتسعى دائمًا إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، نظرًا لما للقضية الفلسطينية من تأثير على الأمن الإقليمي.
– تلعب دور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية، وتسهم في المصالحة الداخلية لتوحيد الصف الفلسطيني.
—
ثانيًا: التحديات التي تواجه مصر في دعمها لفلسطين
1.التحديات الاقتصادية
– تعاني مصر من تحديات اقتصادية كبرى، مثل التضخم وارتفاع الأسعار وأعباء الدين، ما يجعلها تواجه ضغوطًا داخلية تدفعها للتركيز على الإصلاح الاقتصادي.
– ومع ذلك، تستمر في تقديم الدعم الإنساني لفلسطين، بما في ذلك فتح المعابر وإرسال المساعدات.
2. التحديات الأمنية
– تهديدات الإرهاب في سيناء وضغوط تأمين الحدود مع غزة وإسرائيل تفرض تحديات أمنية، حيث تسعى مصر للحفاظ على استقرارها الداخلي دون التخلي عن مسؤولياتها الإقليمية.
– تعمل على تحقيق توازن بين ضمان أمنها القومي ودعم المقاومة الفلسطينية بطرق سياسية ودبلوماسية.
3. الضغوط الدولية والإقليمية
– تواجه مصر ضغوطًا من بعض القوى الدولية التي تسعى لتقليص دعمها السياسي لفلسطين.
– كذلك، تعمل بعض القوى الإقليمية على إضعاف الدور المصري في الملف الفلسطيني لصالح مصالحها الخاصة.
—
ثالثًا : كيف تواصل مصر دعمها رغم التحديات؟
1.الوساطة الدبلوماسية الفعالة
– مصر تقود جهود التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، كما كان الحال في اتفاقات وقف إطلاق النار خلال المواجهات الأخيرة في غزة.
– تمارس ضغوطًا على القوى الكبرى للحفاظ على حقوق الفلسطينيين، وتسعى لإحياء مفاوضات السلام على أسس عادلة.
2.الدعم الإنساني والإغاثي
– رغم الأوضاع الاقتصادية، تفتح مصر معبر رفح لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة، وتستقبل المصابين للعلاج في مستشفياتها.
– تقدم الدعم اللوجستي للفلسطينيين، خاصة في أوقات الأزمات.
3. التوازن بين المصالح الوطنية والقومية
– تدرك مصر أهمية تحقيق التوازن بين الحفاظ على أمنها القومي واستقرارها الداخلي، وبين دورها القومي في دعم فلسطين.
– تسعى لتعزيز موقفها الإقليمي من خلال هذا الدعم، دون الانجرار إلى مواجهات تؤثر على استقرارها الداخلي.
—
ختاماً .. مصر والحق في معادلة التحديات
تثبت مصر، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية، أنها تضع المبادئ فوق المصالح الضيقة، وتواصل دعم القضية الفلسطينية من منطلق تاريخي وقومي واستراتيجي. ورغم الضغوط، لم تتخلَّ عن دورها كضامن لحقوق الفلسطينيين، بل تسعى دومًا إلى تحقيق حلول عادلة تضمن لهم حياة كريمة، بما يرسخ دورها كفاعل أساسي في معادلة السلام والاستقرار في المنطقة.