منوعات

تاج عبادة القلب ومفتاح متانة العقيدة 

تاج عبادة القلب ومفتاح متانة العقيدة 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله المحيي المميت كتب الموت على العباد، وأنذرهم يوم المعاد، وحذرهم من الغفلة والعناد، نحمده على هدايته، ونشكره على رعايته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أنصح الخلق للخلق وأحرصهم عليهم وأرأفهم بهم، أوصى أمته بكثرة ذكر الموت وبزيارة القبور لئلا يغتروا بزينة الدنيا فيتركوا العمل للآخرة صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد إنه ينبغي للمؤمن أن يكون حسن الظن بالله تعالي عظيم الرجاء به موقنا بحسن جزائه وعطائه وإحسانه وموافاته بالآخرة يسوقه حسن ظنه إلى حسن عمله والاستكثار من العمل بأسباب الرحمة والإحسان والبعد عن معصيته وأسباب مقته وليكن وثوقه بحسن ظنه أعظم من الوثوق بحسن عمله.

لأنه سيقدم على رب كريم رحيم ودود بعباده واسع العطاء عظيم الصفح والتجاوز رحمته سبقت عذابه ورضاه سبق سخطه، فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” والله الذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خير من حسن الظن بالله ولا يحسن عبد الظن بالله عز وجل إلا أعطاه الله ظنه” وقال الإمام سفيان الثوري رحمه الله ” ما أحب أن حسابي علي والدي أحب أن حسابي علي ربي فإن الله أرحم بي من أبي” فإن لم نحسن الظن بالله تعالى، فبمن نحسن الظن؟ فقالوا في الحكمه ” إن لم تحسن ظنك به لأجل وصفه، حسّن ظنك به لوجود معاملته معك، فهل عودك إلا حسناً، وهل أسدى إليك إلا مننا” وإني لأرجو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع، وحسن الظن به تعالى من ركائز الإيمان، وتاج عبادة القلب ومفتاح متانة العقيدة.

وسر من أسرار السعادة في الدنيا والآخرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر” أي أنا عند يقينه بي، فالإعتماد عليّ والوثوق بوعدي والرهبة من وعيدي، والرغبة فيما عندي، أعطيه إذا سألني، وأستجيب له إذا دعاني، كل ذلك على حسب ظنه وقوة يقينه، والمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف والظن الحسن على بابه، والمعاملة تدور مع الظن، فإذا أحسن ظنه بربه وفى له بما أمل وظن، والتطير سوء ظن بالله، وهروب عن قضائه، فالعقوبة إليه سريعة والمقت له كائن، ألا ترى إلى العصابة التي فرت من الطاعون كيف أماتهم؟ والواجب على المؤمن أن يحسن الظن بأخيه المؤمن ويحمل أقواله وأفعاله على أحسن المحامل ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ” رواه مسلم، فلا يظن فيه إلا خيرا إن ظهر منه تقصير أو تفريط بحقه ولا يظن به سوءا وهذا محله إذا كان أخوه ظاهر حاله السلامة والخير، وقال جعفر بن محمد ” إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا فإن أصبته وإلا قل لعل له عذرا لا أعرفه ” أما إذا كان ظاهر حاله الفسق والمجاهرة بالفواحش والتخلف عن الفرائض ومصاحبة الأشرار أو إظهار البدع فالمشروع في حقه سوء الظن وأخذ الحذر منه ولا يليق أن يظن به خيرا لأنه ليس أهلا لذلك، ولذلك قال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم عن رجلين من المنافقين ” ما أظن أن هذين يعرفان من ديننا شيئا” رواه البخاري، وقال ابن هبيرة الوزير ” لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى