عربي و دولي

الإنتخابات البرلمانية الألمانية 2025

الإنتخابات البرلمانية الألمانية 2025

بقلم : يوحنا عزمي

يتوجه الشعب الألماني يوم الأحد 23 فبراير 2025 لانتخاب برلمان

جديد في رابع إنتخابات برلمانية مبكرة في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث سبقها إنتخابات 1972 و1983 و2005.

ذهبت المانيا لانتخابات مبكرة لعدة أسباب ، أبرزها :

ـ عدم انسجام التحالف الحاكم عقب انتخابات 2021، هو تحالف بين

الحزب الإشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر والحزب الديموقراطي

الحر ، لم يجمع بينهم سوى الرغبة في قطع الطريق امام صعود اليمين القومي واليمين القومي وتشكيل حكومة تميل الى اليسار.

وكانت تلك هي المرة الأولى في تاريخ ألمانيا الحديث ان نرى تحالف ثلاثي وليس ثنائي يقود الحكومة.

ولعل السؤال الحقيقي ليس هو لماذا ذهبت ألمانيا إلى إنتخابات مبكرة بقدر ما هو كيف استطاع هذا التحالف غير المنسجم ان يصمد طيلة اربع سنوات وقد حدث الخلاف واقترب الشقاق والسقوط اكثر من مرة في تلك السنوات الأربع ولكن كان الخوف من اليمين الألماني – القومي والمحافظ – هو الدافع الأول والأخير لتشكيل هذا التحالف الثلاثي وبقاله أطول فترة ممكنة حتى ان تلك الإنتخابات المبكرة تعقد في واقع الأمر قبل بضع اشهر فحسب من الموعد الذى كان محدد لها في سبتمبر 2025 أي انها مبكرة بواقع 7 أشهر فحسب.

ـ ألمانيا اكثر دولة في أوروبا والغرب دفعت فواتير الحرب الأوكرانية

على ضوء انها دولة جوار لروسيا ، وانها كانت صاحبة علاقة متميزة

مع روسيا قبل الحرب في سنوات المستشارة السابقة انجيلا ميركل

وعلى ضوء تجربتها الإقتصادية التي جعلتها تتزعم القارة الأوروبية

فكانت الأكثر تأثراً بهذا الإنفجار الجيوسياسي والاستراتيجي والديموجرافي وما جري لسلاسل إمداد الطاقة والطعام والقمح والتجارة حول العالم.

ان من صنع الحرب الأوكرانية في الغرب كان يستهدف فرملة صعود

إقتصاد ألمانيا ، اذ من غير المسموح ان تتخطى دولة أوروبية – خاصة ألمانيا – اقتصاديات المعسكر الانجلوساكسوني (الولايات المتحدة الأمريكية ـ بريطانيا).

وقد أدت تلك الفواتير إلى أوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة في المانيا نهشت في شعبية الثلاثي الحاكم وجعلت المانيا بحكومة تفتقد للشعبية والتأييد الجماهيري.

ـ عقب صعود الترامبية في الولايات الأمريكية ، اصبح مطلوب من برلين

ان تشكل مع لندن “المحور الألماني البريطاني” او محور اشتراكي على ضوء ان رأسي الحكومتين في برلين ولندن ينتمون إلى الاشتراكية الليبرالية الغربية ، وذلك من اجل تشكيل حائط صد أوروبي أمام الترامبية والمد القومي الأمريكي وسياسات ترامب حيال أوروبا.

ولكن المستشار الألماني اولاف شولتس وجد ان حكومته وسياسته غير قادرة على لعب هذا الدور المطلوب منه بعد ان حاول بضع أسابيع فحسب ولكن على ضوء إفلاسه وافلاس حكومته وائتلافه الحاكم ، وجد انه يجب ان تذهب المانيا إلى انتخابات مبكرة ، لينتخب الألمان النهج الذى يفضلونه في التعامل مع المتغيرات الدولية من جهة ، ومن جهة ثانية فإن المانيا على وقع تلك المتغيرات يجب ان تحظى بحكومة ذات شعبية حتى تتخذ قرارات قوية مدعومة بهذا الدعم.

تشير استطلاعات الرأي إلى ان الحزب المسيحي الديموقراطي معقل اليمين المحافظ الألماني سوف يتصدر الإنتخابات بقيادة فريدريتش ميرز ، وهو الذى قاد الحزب من اليمين المحافظ إلى اليمين القومي حتى ان الإعلام الغربي يطلق عليه ترامب المانيا منذ زمن الولاية الأولي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الشريك التاريخي للحزب المسيحي الديموقراطي الألماني هو الإتحاد المسيحي البافاري ، فرع الحزب في ولاية بافاريا رفض منذ عقود ان يكون جزءاً من الحزب وقرر ان يكون حزب منفصل ولكنه حليف دائم للحزب الام يتزعم الحزب رئيس وزراء ولاية بافاريا القوي ماركوس سودر وقد أيد ميرز لخوض تلك الانتخابات على منصب المستشار.

استطلاعات الرأي تشير إلى ان ميرز قد يلجأ إلى إئتلاف حكومي ،

المرشح له الحزب الاشتراكي بقيادة المستشار المنتهية ولايته اولاف شولتس ، وقتذاك لن يدخل شولتس الائتلاف الحاكم ولكن سوف يقدم استقالته من منصب رئيس الحزب ويترك الاشتراكيين يدخلون الائتلاف الحاكم ويختارون زعيم آخر لهم.

البعض ذهب إلى فكرة ان الحزب المسيحي سبق له في عصر انجيلا ميركل ان تحالف مع الحزب الديموقراطي الحر، وان الحزب بقيادة كريستيان ليندنر وزير المالية ما بين عامي 2021 و2024 جاهز لهذا التحالف.

ولكن ما سوف يعرقل مباحثات ميرز مع الاشتراكيين والديموقراطيين لتشكيل ائتلاف حاكم هو انفتاحه على التعاون مع حزب البديل الألماني معقل اليمين القومي ، ميرز لم يتحدث قط عن دخول القوميين للائتلاف الحكومي ولكن تحدث عن التعاون معهم في البرلمان من اجل تمرير قوانين سوف يرفضها الاشتراكيين والديموقراطيين والخضر واليسار، هكذا تتخوض الأحزاب “غير اليمينية” في المانيا من فكرة الدخول في ائتلاف مع ميرز ثم المتفاجئ في جلسات البرلمان بأنه ميرز يصوت مع القوميين في قرارات مرفوضة بالنسبة لهم ولكن وقتذاك سوف ينفذونها من مقاعد مجلس الوزراء.

هؤلاء هم الأحزاب الأربعة الكبار ، إلى جانب حزب الخضر ، وحزب اليسار و”تحالف سارة فاجنكنشت”، حيث من الصعب ان تلعب دور صانع الملوك

او تقديم ضمانات لحزب بعينه لكي يشكل الحكومة ، حيث خسر حزب الخضر شعبيته على ضوء مشاركته في الائتلاف الحاكم، بينما تحالف سارة فاجنكنشت وحزب اليسار عادة يحصدون مقاعد اقل بكثير من الضجيج الذى يملئون به الصحف والاعلام.

فريدريتش ميرز اختيار مفضل لليمين القومي الأمريكي ، ولكن هذا لا يعني ان الوفاق الأمريكي الألماني بين فريدريتش ميرز ودونالد ترامب مضمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى