منوعات

إقرار النجاشي بما جاء به رسول الله

إقرار النجاشي بما جاء به رسول الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد لقد كان اليهود في عهد النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم يدركون أن الشريعة التي بعث بها أيسر الشرائع وأخفها على الناس، فعندما زنى رجل من اليهود بامرأة، قال بعضهم لبعض اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي بعث بالتخفيف وهذا هو الشاهد، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها، واحتججنا بها عند الله، فقلنا نبي من أنبيائك، وهذا إقرار صريح بنبوته صلى الله عليه وسلم، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا ؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب.

فقال ” أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن ؟” قالوا نحممه ونجبيه، ونجلده، والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل أقفيتهما ويطاف بهما، وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ساكتا، أنشده ؟ فقال اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” فما أول ما ارتخصتم أمر الله ؟ ” قال زنى ذو قرابة ملك من ملوكنا، فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا هذه العقوبة بينهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم “فإني أحكم بما في التوراة، فأمر بهما فرجما ” رواه الإمام أبو داود، وتأمل أثر القرآن على ملك الحبشة النجاشي وبطارقته وكانوا نصارى.

ثم إقرار النجاشي أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن يخرج وما جاء به عيسى عليه السلام وهو الإنجيل من مشكاة واحدة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إليه لما كانوا يلاقونه من تعذيب وتضييق من كفار مكة، وكان ملكا عادلا لا يظلم عنده أحد، وبعد أن وصلوا إليه عاشوا في خير جوار عنده، آمنين على دينهم يعبدون الله لا يؤذون ولا يسمعون شيئا يكرهونه فلما بلغ ذلك قريشا أغضبها ما كانوا يسمعونه عن أمن المهاجرين فتآمروا ليلاحقوهم هناك، وقرروا أن يبعثوا إلى النجاشي رجلين جلدين ليهدوا للنجاشي هدايا مما يحبه من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم وهو الجلد فجمعوا له أدما كثيرا، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي، وأمروهما أمرهم وقالوا لهما.

ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم، ليستميلوهم فيشيروا على النجاشي بما يريدون، فخرجا فقدما على النجاشي فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له أيها الملك إنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، فقالت بطارقته حوله صدقوا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم، فغضب النجاشي ثم قال لا ها الله، أيم الله إذن لا أسلمهم إليهما ولا أُكاد قوما جاوروني ونزلوا بلادي.

وإختاروني على من سواي حتى أدعوهم، فاسألهم ما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني، ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و

سلم فدعاهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى