لا أعداء دائمين ولا حلفاء دائمين : دروس من العلاقات الدولية
بقلم : يوحنا عزمي
أحيانا ما يتحول الحليف إلي عبء ثقيل لا يطاق ولا يحتمل ، بل إلي حد يصبح غير مرغوب فيه من الطرف الآخر ، وبدلا من ان يدعمه ويقف وراءه فنجده يسعي إلي إزاحته والإطاحة به ليوفر علي نفسه تكلفة استمراره في الاحتفاظ به.
وقد يبدو هذا غريبا بمنطق ما تفرضه علاقات التحالف من التزامات متبادلة علي اطرافها ، ومن ان هناك من المصالح المشتركة بين الحلفاء ما يجعل مثل هذا الافتراض غير وارد في الواقع .. لكن الرد علي ذلك هو ان ما يحدث أمامنا من تحولات خطيرة علي الساحتين الإقليمية والدولية يؤكد ويدعم هذا الذي أشرت حالا إليه .. وهناك مثالين واقعيين ينطقان بذلك ..
فالرئيس الأمريكي ترامب يري في حليفته اوكرانيا ورئيسها زيلينسكي عبئا مرهقا ومكلفا للغاية يجب علي الولايات المتحدة ان تنفض يدها منه ، ولهذا ذهب في إتجاه التقارب مع روسيا عدو أوكرانيا الأول ، ومع الرئيس الروسي بوتين متجاهلا اياها لم يعد يعنيه غضبها او تذمرها او استياءها الشديد مما يفعله من وراء ظهرها ودون اكتراث باستشارتها فيه للتعرف علي رد فعلها منه .. هذه علاقة تحالف منتهية ولا مستقبل لها.
وهناك الرئيس الروسي بوتين الذي كان قد طفح به الكيل كما تؤكد كل الشواهد والقرائن ، بجدوي استمرار تحالفه مع الرئيس السوري المخلوع
بشار الأسد ونظامه .. ولذلك كان لبوتين دور كبير في تسهيل الإطاحة به والتخلص منه لفشل هذا النظام الذريع والمستمر في الداخل والخارج ولانه اصبح محسوبا عليه دون ان يكون له ذنب في كل ما كان يجري هناك.
وبعد الإطاحة به ، دخل بوتين في تقارب سريع مع الرئيس السوري الانتقالي الجديد احمد الشرع ، وحققا تقدما كبيرا في تفاهماتهما وإلي الحد الذي جعل الشرع يصف علاقات سوريا بروسيا بأنها علاقات تاريخية واستراتيجية مهمة ويجب الاحتفاظ بها وعدم التفريط فيها ، ودفع بوتين إلي إعلانه عن إستعداد روسيا التام لتعزيز تعاونها مع سوريا في ظل نظام حكمها الجديد في مختلف المجالات الإقتصادية والتنموية .. قال بحق النظام الذي خلف نظام الأسد البائد ما قال من عبارات الإشادة والتقدير ومن ابداء حسن النوايا تجاهه.
هكذا هي السياسة الدولية في كافة مراحلها وبمختلف تقلباتها واحوالها
فلا أعداء دائمين ولا حلفاء دائمين ، ولا شراكات إستراتيجية متميزة ومستقرة ، وانما مصالح تتحور وتتبدل وتتغير َتتحرك في كل الاتجاهات وعلينا ان ننظر حولنا ونتفهم ذلك جيدا كدول تبحث عن مصالحها في عالم متغير من الأخطار والتحديات .. اقصد ان علينا ان نستوعب درسي اوكرانيا وسوريا ، وان نكون اذكياء وواقعيين بما يكفي.