عربي و دولي

ترامب وسياسة أمريكا : بين العزلة الدولية والتداعيات الكارثية

ترامب وسياسة أمريكا : بين العزلة الدولية والتداعيات الكارثية

بقلم : يوحنا عزمي

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتقلب المزاج والأهواء ، والذي جاء

هذه المرة إلي البيت الأبيض شاهرا سيفه في وجه الجميع ، إلا إسرائيل

التي يحمل لها حبا وانبهارا بلا حدود ، يزمع إصدار قرار رئاسي اليوم يقضي بانسحاب أمريكا من المجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف ، وقبله من منظمة الصحة العالمية ومن إتفاقية باريس للمناخ ، ومن المتوقع ان ينسحب ايضا من منظمة اليونيسكو في باريس لعدم رضائه عنها ولاقتناعه بعدم جدوي إستمرار عضوية بلاده فيها ، الخ.

ليت الرئيس ترامب في غمرة تقلباته المزاجية المعروفة عنه ، يكمل جميله ويعلن انسحابه من الأمم المتحدة ليوفر علي العالم ما احدثه سوء استخدام الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن الدولي من تعطيل وشلل ومن إعاقة مستمرة لعمل المجلس ، ووصل به إلي أدني مستويات أدائه منذ قيام الأمم المتحدة في عام ١٩٤٥ وكان لأمريكا الدور الأبرز والأكبر في إنشائها وفي بلورة ميثاقها في مؤتمر سان فرنسيسكو .. وجاءت استضافتها لمقرها في أراضيها بادرة مهمة عكست مدي ارتباطها بها واحتضانها لها .. والآن يتراجع هذا كله وياخذ مسارا عكسيا لما كان يجب ان يتحرك فيه سيما من قبل قوة كبري تتربع علي عرش النظام السياسي الدولي بامكاناتها الجبارة التي تجعلها في موقع القيادة والزعامة دائما.

هذا الإنجاز التاريخي العظيم ، وهذا الدور القيادي الكبير ، يجيئ الرئيس ترامب الآن ليتنكر له تحت شعار ” أمريكا اولا”. ، ولا يهم بعد ذلك ان يذهب العالم كله إلي الجحيم بسياساته الارتجالية المتخبطة التي تربك العالم وتدخله منذ دخوله إلي البيت الأبيض قبل أيام في دائرة مفرغة من التكهنات والتخمينات حول ما قد يفاجئه به من قرارات رئاسية خطيرة

شبه يومية لا يكف عن إصدارها غير عابئ بما قد تفضي إليه تلك القرارات العشوائية من عواقب وتداعيات دولية كارثية هنا وهناك.

التطبيق الحرفي لهذا الشعار الذي ابتكره ولا يريد التحول عنه لعدم واقعيته ، لا يعني سوي زيادة عزلة أمريكا وغربتها عن العالم في زمن العولمة والاعتماد الدولي المتبادل وتشابك المصالح الدولية ، وتقلص العالم علي اتساعه الهائل ليصبح قرية كونية صغيرة ، فما يربط دول العالم كلها ببعضها صار اقوي بكثير مما يباعد بينها ، وهو ما لم يحدث أبدا في تاريخ العلاقات الدولية .. هذا الواقع الدولي الجديد بتشابكاته وتعقيداته الهائلة يغيب تماما عن بال الرئيس الأمريكي الذي يعيش في عالم من الأوهام والتهيؤات والتصورات التي يحبس فيها تفكيره والتي تصنع له عالمه الخاص وتجعله متقلب المزاج والاهواء بل ومتناقضا مع نفسه الي هذا الحد دون

ان يدري ان امريكا ، قبل غيرها ، هي اول واكثر من سوف يدفع الثمن لسياساته وقراراته الجزافية .. وما حدث مع كندا والمكسيك وبنما خلال اليومين الماضيين واجبره علي التراجع عن تنفيذ قراراته هو بداية مسيرة فشل المسار الذي يتحرك فيه … أقول هذا عن اقتناع تام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى