هل الناس تغيّرت… ولا إحنا اللي بقينا حسّاسين زيادة؟
بقلم: د. كريم ابوعيش
في كل قعدة، وكل شغل، وكل جروب عَ الواتس… نفس السؤال بيتكرر:
هو إحنا بقينا نضخّم كل حاجة؟ ولا الناس فعلًا اتغيّرت؟
السؤال ده بقى زيه زي سؤال “مين جه الأول البيضة ولا الفرخة”…
مفيش إجابة نهائية، وكل واحد فينا شايفها من زاوية مختلفة.
إحنا جيل اتربّى على إن “الكلمة تعدّي”، وإن السخرية هزار، وإن النقد “لمصلحتك”.
لكن فجأة، بقينا نتضايق من أي تعليق… من كلمة… من نبرة… من نظرة.
بقى في جيل شايف إن احترام المشاعر مش رفاهية، وإن أي كلمة مؤذية مهما كانت بسيطة ممكن تكسر حد.
وهنا يبدأ السؤال:
هو ده وعي؟ ولا حساسية زيادة؟
في ناس مقتنعة إن المشكلة مش فينا… المشكلة في الناس.
إن الدنيا فعلاً اتغيّرت.
إن الطيبة قلت، والمصلحة بقت أعلى، والكلمة بقت أرخص، والقلوب بقت أنشف.
بيقولوا:
“إحنا مش حسّاسين… إحنا اتلسعنا بما فيه الكفاية”.
وإن التجارب المكسّرة بتخلي أي كلمة صغيرة تعمل جرح كبير.
وإن الناس فعلاً مبقتش زي زمان.
وفي ناس تانية شايفة إن السبب الحقيقي إن العالم بقى سريع، والضغط بقى أعلى، والتوقعات بقت أكبر…
فطبيعي أي حد يبقى عصبى، ومتوتر، وعلى حافة الانفجار.
فمش معنى إن حد اتكلم بحدة إنه وحش… ولا إن حد اتأخر يبقى مهمل… ولا إن حد نرفزك يبقى مؤذي.
ممكن يكون مجرد إننا بقينا مش مستحملين… مش أكتر.
وفريق تالت، وده يمكن أكتر فريق بيحب النقاش، شايف إن الاتنين صح… والاتنين غلط.
شايف إن فعلاً في ناس اتغيّرت للأسوأ… وفي نفس الوقت في ناس بقت حساسة لدرجة إن أقل كلمة بتتهزّق لها يومها كله.
شايف إن الدنيا اتبدّلت… وإحنا كمان اتبدلنا.
وإن اللي بيحصل مش “تغير ناس”… ولا “زيادة حساسية”…
اللي بيحصل هو تغير زمن.
زمان ماكانش في سوشيال ميديا تقارن حياتك بدقيقة، وماكانش في ضغط نفسي مستمر، وماكانش في ابتزاز عاطفي بالشكل ده، وماكانش في قلق وجودي عند كل جيل.
لكن في نفس الوقت… زمان ماكانش في وعي بالمشاعر، ولا احترام للحدود الشخصية، ولا فهم للأذى النفسي.
يعني زمننا أحسن وأسوأ… في نفس اللحظة.
عشان كده، الإجابة على السؤال مش مهمة قد ما السؤال نفسه مهم.
المهم إنك تعرف:
إنت اتغيرت؟
ولا اللي حواليك اتغيروا؟
ولا أنتوا الاتنين بتتغيروا بس بسرعات مختلفة؟
لو شايف إن الناس اتغيرت… هتلاقي ألف دليل.
ولو شايف إنك انت اللي بقيت حساس… برضه هتلاقي ألف دليل.
لأن الحقيقة مش سطر واحد… الحقيقة مراية.
ومراية كل واحد بتعكس اللي عاشه.
فهل الناس فعلاً اتغيّرت؟
ولا إحنا اللي بقينا حسّاسين زيادة؟
ولا الحياة نفسها اللي بقت أقوى من طاقة البشر؟
جاوب… لو تقدر
زر الذهاب إلى الأعلى