منوعات

هل يبدأ التقسيم من طرابلس؟

هل يبدأ التقسيم من طرابلس؟

بقلم : يوحنا عزمي

وسط تصاعد دخان الفوضى والانسداد السياسي ، تقف ليبيا اليوم على حافة الانفجار. فمحاولات الدفع بالبلاد نحو حافة الهاوية لا تبدو عشوائية أو عبثية ، بل تتبع سيناريو مدروس لإغراق الدولة الليبية في مستنقع الانقسام والعنف ، وصولاً إلى شلل كامل في مؤسساتها السياسية والتشريعية والأمنية.

ومع التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الليبية مؤخراً

باتت احتمالات الانهيار أكثر واقعية من أي وقت مضى ، لتبدو

ليبيا كلغم سياسي موقوت ، مرشح للانفجار في أية لحظة، بما قد يقود إلى حرب أهلية دامية ، تمزق البلاد وتغير معالمها الجغرافية والديموغرافية ، وربما تُفضي إلى تقسيمها.

لكن ليبيا ، رغم خطورة حالتها ، ليست سوى حلقة واحدة ضمن سلسلة حلقات مشروع تفكيك أكبر، يستهدف إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط برمتها. فمنذ اندلاع ما سُمي بثورات “الربيع العربي” في 2011، لم تنعم المنطقة بالاستقرار ، حيث تم اختراق الدول الهشة أولاً، ومن ثم الانتقال إلى استنزاف ما تبقى من كيانات أقوى.

هذه الاستراتيجية تقوم على توظيف القوة العسكرية الإسرائيلية، المدعومة بغطاء أمريكي كثيف ، وقواعد عسكرية جاهزة للتدخل، متى استدعى الأمر ، إلى جانب أدوات ناعمة تمارسها أجهزة مخابرات محترفة ، تتقن فن التسلل تحت عباءة “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان”، بينما تخطط في الخفاء لتمزيق الأوطان.

ومن ليبيا إلى سوريا ، فاليمن ، فالسودان ، فغزة ، تبدو خيوط المؤامرة مكررة ، وإن اختلفت تفاصيل السيناريوهات. أما إيران

فقد باتت محاصرة بين مطرقة التخلي عن برنامجها النووي، وسندان العقوبات الاقتصادية القاسية ، ما يجعل فرص نجاتها

من هذا الطوق الجيوسياسي أشبه بمعجزة مستحيلة.

إن ما نشهده اليوم ليس أزمة دولة أو حتى صراعاً إقليمياً عابراً

بل زلزالاً يضرب أركان الشرق الأوسط بأسره. كرة النار تتدحرج وكرة الثلج تكبر ، والأنظمة تتفكك ، والسيناريوهات الأشد سواداً تلوح في الأفق.

ويبقى السؤال الحارق الذي يتردد في أذهان ملايين العرب من المحيط إلى الخليج : إلى أين؟ وماذا بعد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى