منوعات

هل يقود هجوم كشمير المنطقة إلى حافة الهاوية؟

هل يقود هجوم كشمير المنطقة إلى حافة الهاوية؟

بقلم : يوحنا عزمي 

في واحدة من أخطر حلقات النزاع بين الهند وباكستان منذ سنوات، دخل البلدان النوويان في موجة جديدة من التوتر عقب الهجوم الدموي الذي استهدف السياح الهنود في وادي بايساران ، وأسفر عن مقتل 26 شخصاً معظمهم من الهندوس.

هذا الهجوم الطائفي ، الذي أعلنت جماعة “جبهة المقاومة” مسؤوليتها عنه ، فجر موجة من الغضب في نيودلهي ، دفعتها

إلى شن ضربات جوية دقيقة داخل الأراضي الباكستانية وفي الشطر الباكستاني من كشمير ، ما أثار موجة قلق دولية من انزلاق جنوب آسيا إلى مواجهة كارثية.

ضربات محدودة … ورسائل سياسية

الحكومة الهندية شددت على أن عملياتها كانت “محدودة ودقيقة”، مستهدفة معسكرات لجماعات مصنفة إرهابية مثل “لشكر طيبة” و”جيش محمد” قرب مظفر آباد وبهاولبور ، ولم تشمل منشآت عسكرية باكستانية مباشرة.

إلا أن الرد الباكستاني جاء سريعاً : إسلام آباد نفت عبور الطائرات الهندية لأجوائها، ووصفت الضربات بأنها “انتهاك غير مبرر”، متوعدة بأن “السرور المؤقت للهند سيتحول إلى حزن دائم”.

كشمير … الأرض التي تبتلع التسويات

الصراع في كشمير ليس جديداً ؛ جذوره تعود إلى تقسيم الهند

عام 1947، وقد أشعل ثلاث حروب بين البلدين وخلف نزاعات

لا تنتهي. لكن التحول الأبرز جاء في عام 2019، حين ألغت حكومة ناريندرا مودي الحكم الذاتي للإقليم وفرضت عليه الإدارة المباشرة من نيودلهي ، ما أثار غضب سكان كشمير وباكستان على حد سواء.

ورغم القيود الأمنية الصارمة التي فرضتها الهند بعد ذلك ، والتي منعت الكثير من أعمال العنف ، فإنها خلقت أيضاً شعوراً عميقاً بالقمع وفقدان الهوية ، خاصة لدى السكان المسلمين. في المقابل تواجه باكستان اضطرابات متصاعدة في كشمير التي تديرها، حيث تندلع احتجاجات ضد سيطرة إسلام آباد، تعكس حالة سخط داخلي غير مرتبطة فقط بالصراع مع الهند.

أزمة إقليمية بحجم عالمي

الهجوم الأخير يحمل أبعاداً خطيرة: استهداف طائفي للسياح

الهنود ، اتهامات هندية مباشرة بضلوع جماعات مدعومة من باكستان ، وعودة الهند إلى سياسة الضربات الوقائية دون انتظار غطاء دولي ، مستندة إلى مكانتها الاقتصادية والدبلوماسية المتنامية.

في هذا السياق، تحركت الوساطات الدولية سريعاً؛ أعلنت إيران استعدادها للعب دور الوسيط، فيما أجرى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو محادثات مع الطرفين لحثهما على ضبط النفس.

هل يغامر مودي؟

يرى المحللون أن رئيس الوزراء الهندي، المعروف بنزعته القومية ،

لا يسعى إلى حرب شاملة ، بل إلى تنفيذ ضربات محدودة تردع خصومه وتهدئ الرأي العام الداخلي، خاصة مع اقتراب استحقاقات انتخابية داخلية. لكن في منطقة مشبعة بالسلاح النووي ، يبقى خطر الحسابات الخاطئة قائماً ، وقد تكون عواقبه كارثية ليس

فقط على الهند وباكستان ، بل على الأمن العالمي ككل.

أزمة أكبر من كشمير؟

تجاوز الصراع الحالي حدود الأرض المتنازع عليها ؛ فهو اليوم يتعلق بحق تقرير المصير ، والهوية الوطنية ، ومستقبل ملايين البشر العالقين في قلب نزاع تاريخي. وبينما تراهن القوى الدولية على ضبط النفس وفتح قنوات الحوار، يبقى السؤال الأكبر :

هل تملك الهند وباكستان الشجاعة السياسية للبحث عن حلول إبداعية ، قبل أن تفرض الكارثة حلاً من نوع آخر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى