من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، وأحمد الله واشكره، فإليه المرجع وإليه المآب، واشهد أن لا إله إلا هو، ولقد جعل الله النهار والليل آية لأولي الألباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد اتقوا الله ربكم حق تقاته، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم، واعبدوا واحمدوا الله، واعرفوا قدر النعم التي أنعمها الله عليكم، واحمده على منه عليكم بمواسم الخيرات والتي تتكرر كل عام، وتوبوا لله توبة نصوحا، ولا تموتن إلا وأنتم مؤمنون ثم أما بعد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” فمن خرج عن الطاعة وفارق الجماعة، فمات فميتته جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمّيّة يغضب لعصبة، أو يدعو لعصبة، أو ينصر عصبة، فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى عن مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه” وروى مسلم.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا! فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله؟ فأعرض عنه، ثم سأله في الثالثة؟ فجذبه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حُمّلوا وعليكم ما حُمّلتم” ويعني أن الله تعالى كلّف الولاة العدل، وحسن الرعاية، وكلف المولى عليهم الطاعة، وحسن النصيحة، فأراد أنه إذا عصى الأمراء الله فيكم، ولم يقوموا بحقوقكم، فلا تعصوا الله أنتم فيهم، وقوموا بحقوقهم، فان الله مجازي كل واحد من الفريقين بما عمل” وقال حذيفة رضي الله عنه كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير.
فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال “نعم” قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال “نعم، وفيه دخن” قلت وما دخنه؟ قال “قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر” قلت فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال “نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها” قلت يا رسول الله صفهم لنا، قال “هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا” قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم” قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال “فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك” رواه البخاري، وفي حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة، المضطجع فيها خير من الجالس، والجالس فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها.
ألا فإذا نزلت أو وقعت، فمن كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، ومن لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه، فيدقّ على حده بحجر، ثم لينج إن إستطاع النجاء، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت” وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا” ومن أعظم الفتن فتن الدماء وسفكها بغير حق، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية” متفق عليه.
وقال الحافظ في شرحه قال ابن أبي جمرة المراد بالمفارقة السعي في حلّ عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء فكنّى عنها بمقدار الشبر لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق” وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ” فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمور لله، فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية فإن أعطوه أطاعهم، وان منعوه عصاهم، فماله في الآخرة من خلاق، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلا سلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فان أعطاه منها وَفى، وان لم يعطه منها لم يفي”