منوعات

مجزرة العقول في سوريا

مجزرة العقول في سوريا

بقلم : علي فتحي

تسود حالة من القلق والتوتر في الأوساط العلمية والعسكرية السورية في الآونة الأخيرة مع تصاعد عمليات اغتيال ممنهجة تطال عددًا من أبرز العلماء والكوادر العسكرية المتخصصة هذه العمليات التي تستهدف العلماء في مجالات الأبحاث الكيميائية إضافة إلى الطيارين في سلاح الجو السوري وقيادات القوات الخاصة تعكس تحولًا جديدًا في الصراع الدائر في سوريا حيث باتت التصفيات عملية استراتيجية تهدف إلى ضرب عصب التطور العسكري والتكنولوجي في البلاد من أبرز الحوادث التي تم تسجيلها في هذا السياق اغتيال عالم الكيمياء العضوية الدكتور حمدي إسماعيل ندى الذي تم استهدافه داخل منزله في دمشق في عملية اغتيال محكمة.

 الدكتور ندى كان أحد العلماء البارزين في مجال الأبحاث الكيميائية في سوريا وهو ما يجعل استهدافه خطوة مدروسة تهدف إلى تقويض الأنشطة العلمية السورية في هذا المجال الحساس هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها فقد تزايدت عمليات استهداف العلماء المتخصصين في مجالات الأبحاث العسكرية والتقنية وخاصة في مجالات تطوير الأسلحة الكيميائية وفقًا لتقارير استخباراتية فإن إسرائيل قد حصلت على قوائم تحتوي على أسماء العلماء العاملين في هذه المجالات ويقال إن لديها فرقًا ميدانية على الأرض لتنفيذ عمليات الاغتيال ضد هؤلاء العلماء وقد أظهرت الأحداث السابقة أن هذه العمليات ليست جديدة بل تشكل جزءًا من استراتيجية موسعة لشل قدرة سوريا على تطوير تقنيات أسلحة متقدمة ما يزيد من تعقيد الوضع وهو تورط العديد من الجهات الأجنبية في هذا التصعيد التقارير تشير إلى أن إسرائيل قد تكون قد نفذت عمليات الاغتيال الأخيرة بالتنسيق مع قوى أخرى مثل التنظيمات الإرهابية المتطرفة بما في ذلك داعش والقاعدة التي قد تستفيد من هذه العمليات لتوجيه ضربات استباقية ضد الجيش السوري والشعب تلك القوى بحسب بعض التحليلات تسعى إلى إضعاف أي جهود سورية تهدف إلى تعزيز قدرات الدفاع الوطني والعلوم العسكرية .

كما تتزايد المخاوف في الأوساط الغربية من أن العمليات ضد العلماء السوريين ستستمر وربما تتسارع في المستقبل يتوقع أن تشمل هذه التصفيات مزيدًا من الشخصيات التي تلعب دورًا محوريًا في أبحاث الأسلحة المتقدمة وتكنولوجيا الدفاع كما يعتقد أن استهداف العلماء في مجالات أخرى مثل الطيران الحربي سيكون له تأثير مباشر على قدرة سوريا على مواجهة التحديات العسكرية المستقبلية في ظل هذا التصعيد وجه الخبراء دعوات إلى العلماء وكبار المسؤولين السوريين باتخاذ تدابير أمنية مشددة خاصة لأولئك المتورطين في المشاريع العلمية والتكنولوجية الحساسة من بين التوصيات الهامة ضرورة تغيير أماكن الإقامة وتفادي أي اتصالات هاتفية قد تعرضهم للخطر كما ينصح باتخاذ إجراءات لتأمين البيانات الحساسة المتعلقة بالبرامج العسكرية والعلمية السورية خوفًا من تسريبها إلى الأطراف المعادية الاستهداف المتكرر للعلماء والمتخصصين في سوريا له تداعيات واسعة ليس فقط على المستوى العسكري بل أيضًا على مستوى المجتمع السوري بشكل عام العلماء يشكلون جزءًا أساسيًا من النظام العلمي والتعليمي ويعتبر اغتيالهم بمثابة ضربة قاصمة للقدرة العلمية الوطنية هذا التدهور في الوضع الأمني للعلماء وقد يسبب حالة من الإحباط داخل الأوساط العلمية مما قد يؤدي إلى تدني الإنتاج العلمي في المستقبل أو حتى إلى نزوح الكفاءات العلمية خارج البلاد.

إن عمليات الاغتيال المتزايدة للعلماء السوريين تضع النظام السوري في مواجهة تحدٍ غير مسبوق إذ إن هذه العمليات لا تهدد فقط التقدم العلمي بل تمس أيضًا قدرة سوريا على الدفاع عن نفسها ضد تهديدات متعددة يبقى التساؤل قائمًا هل ستتمكن سوريا من تجاوز هذا النوع من الحروب المدمرة التي تستهدف عقولها ؟ أم أن هذه العمليات ستساهم في تقويض قدراتها العسكرية والعلمية بشكل لا يمكن التعافي منه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى