مؤامرة القرن : إخلاء غزة وتفريغها من سكانها
بقلم : يوحنا عزمي
ساذج ويضحك علي نفسه من يصدق او حتي يتصور انه سوف يكون هناك اعادة اعمار لغزة في يوم من الايام علي نحو ما يعقد كثيرون عليه رهاناتهم الآن كمرحلة مقبلة من مراحل اتفاق وقف اطلاق النار..
هذا المشروع الوهمي هو الطعم او الشرك الخداعي الذي يستخدمه الصهاينة في تل أبيب مع حلفائهم الجدد في واشنطن لتمرير المؤامرة التاريخية الخطيرة التي يجهزون لها ولا يجدون افضل واسرع في تنفيذها من اخلاء غزة وتفريغها من سكانها وارسالهم الي الشتات ، وهناك سوف يتفرق شملهم ويذوبوا في المجتمعات التي نزحوا إليها وربطوا حياتهم بها واندمجوا فيها ولينقطع اثرهم مع الوقت بعد ان يكون وطنهم قد ضاع منهم ولم يعد لهم وطن آخر يرجعون إليه.
اكاد أجزم أنهم لن يستمروا في تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار في غزة
حتي نهايته كما نتوهم ونبني حساباتنا وتوقعاتنا عليه اعتقادا منا في
حسن نواياهم عندما قبلوا هذا الاتفاق ووقعوا عليه ، وسوف يتوقفون
عن المضي في تنفيذ باقي مراحله بعد استعادتهم لاسراهم المحتجزين
لدي حماس ، وعندها سوف يعتبر الإسرائيليون ان دور الوسيطين المصري والقطري قد انتهي ولم يعد ثمة ما يبرر إستمرار الاستعانة به بعد ان حصلوا علي غايتهم منه ولن يعدموا وقتها الذرائع التي سوف يبررون بها تراجعهم فهي جاهزة دائما لديهم .. وبانتهاء دور الوسطاء او باجبارهم بأسلوب التهرب والمماطلة وافتعال المشاكل وتعقيدها كعادتهم ، علي التخلي عنه او الانسحاب منه ، سوف يصبح القرار في كل ما سوف يستجد بعدها ، قرارا أمريكيا إسرائيليا صرفا ..
قرار تتولي أمريكا فيه مسئولية الإخراج للمؤامرة بما سوف تقوم به من اتصالات ومشاورات او تضعه لها من ترتيبات او تمارسه علي بعض دول المنطقة من ضغوط وتهديدات ، بينما سوف تضطلع إسرائيل بمسئولية التنفيذ الذي يتم كله لحسابها وهي من لم تكن تحلم ان تهديها امريكا
غزة خالية من سكانها علي طبق من ذهب بهذه السرعة وبلا مقابل ،
ولنصبح حينئذ أمام واقع جيوسياسي جديد ومختلف تماما عن هذا الذي
ما زلنا فيه حتي الآن.
إقتراح ترامب بالاخلاء والتهجير الجماعي لسكان غزة بوعود أمريكية كاذبة وبحوافز واغراءات مادية ونفسية وهمية وغير حقيقية لتخديرهم وخداعهم وتليين معارضتهم لفكرة النزوح الجماعي من ديارهم إلي اقطار أجنبية لا يعرفون مصيرهم فيها ، هذا الاقتراح هو لعبة شيطانية ماكرة لم تخطر ابدا علي بال احد ، وإذا ما قدر لها ان تجد طريقها إلي التنفيذ علي أرض الواقع، فإن الشرق الأوسط لن يعود بعدها إلي سابق ما كان عليه قبلها.
والدور الآن علي الحكومات العربية وعلي جامعتهم العربية التي لا يسمع
لها صوت في كل ما جري ويجري من احداث خطيرة ، لتتحرك وليس علي الفلسطينيين المساكين ممن لا حول لهم ولا قوة ، ممن يتوزعون حاليا بين التكدس في الخيام او التشرد في العراء او الوقوف امام الحواجز العسكرية الإسرائيلية يائسين يتلقون الرصاص في صدورهم وهم يحاولون العودة إلي أنقاض منازلهم المدمرة ليسكنوها في اسوأ ظروف حياة عرفها البشر في اي مكان.
أليس هذا هو الواقع المأساوي الذي ينام الناس ويصحون عليه وهم يشاهدونه علي شاشات الفضائيات. ؟
هل هؤلاء هم من سوف يتصدون وحدهم لإحباط المؤامرة بينما تبقي الحكومات العربية تتفرج عليهم وتكتفي بحثهم علي الصمود والثبات ؟