منوعات

كيف نجعل أبناءنا يحبون المذاكرة دون ضغط؟

كيف نجعل أبناءنا يحبون المذاكرة دون ضغط؟

بقلم/ أ. إيمان قنديل أخصائية إرشاد علم النفس التربوي

كيف نجعل أبناءنا يحبون المذاكرة دون ضغط؟

مقال في التربية الواقعية وعلم النفس التربوي المذاكرة كلمة ثقيلة على كثير من الأطفال، وأحيانًا على الكبار أنفسهم. كثير من الأمهات والآباء يشتكون أن أبناءهم يرفضون الجلوس للكتب، أو يملّون بسرعة، أو يشعرون بالضغط والخوف من الفشل. لكن الحقيقة أن المذاكرة ليست في ذاتها هي المشكلة، بل طريقة تقديمها، والجو النفسي المصاحب لها. الطفل إذا شعر أن المذاكرة عقاب أو واجب ثقيل سيتجنبها بكل الطرق، بينما إذا شعر أنها رحلة اكتشاف ونجاح، سيسعى إليها حتى لو كان ضعيفًا أكاديميًا. إليك بعض الخطوات النفسية والتربوية التي تجعل الطفل يقبل على المذاكرة بحب وثبات: 1- تحويل المذاكرة من واجب إلى رحلة من أكبر الأخطاء أن نربط المذاكرة بالعقاب أو بالصراخ. الطفل لا يفهم قيمة المستقبل كما يفهمها الكبار، لكنه يفهم المتعة الآن. إذا قُدمت له المذاكرة كشيء ممتع – فيها ألوان، قصص، ألعاب صغيرة – سيتعامل معها كجزء طبيعي من يومه، لا كحمل ثقيل. • مثال عملي: بدلاً من أن تقولي له “ذاكر الآن وإلا…”، جربي أن تقولي: “تعالى نلعب لعبة الكلمات، كل كلمة صحيحة تأخذ نجمة، ومن يجمع 5 نجوم يحصل على هدية صغيرة”. 2- تقطيع المذاكرة إلى جرعات قصيرة علم النفس يؤكد أن التركيز عند الأطفال قصير، خصوصًا قبل سن 12 سنة. من الخطأ أن نجبر الطفل على الجلوس ساعتين متواصلتين. الأفضل أن نقسم الوقت إلى جلسات قصيرة (15–25 دقيقة)، ثم استراحة قصيرة (5–10 دقائق). • هذا الأسلوب يسمى Pomodoro Technique، وهو فعال حتى مع الكبار. • الطفل الضعيف دراسيًا سيجد أن 20 دقيقة سهلة، ومع الوقت يستطيع زيادة قدرته على الثبات. 3- الجو النفسي أهم من عدد الساعات المذاكرة تحت ضغط نفسي أو بكاء لا تفيد، لأن المخ في حالة توتر لا يستطيع الحفظ. المطلوب جو هادئ، مع لمسة حب وتشجيع. • احتضني طفلك قبل أن يبدأ. • اجلسي بجانبه في البداية، وكأنك تشاركينه لا تراقبينه. • امدحي أي تقدم صغير: “أنا فخورة بيك إنك خلصت صفحة كاملة”. 4- ربط المذاكرة بالنجاح الواقعي الطفل يحتاج أن يرى ثمرة جهده. • إذا كتب واجبًا صحيحًا، علقوا الورقة على الثلاجة أو في غرفة المعيشة. • إذا حصل على درجة جيدة، احتفلوا به حتى يشعر أن النجاح ممتع. • حتى الطفل الضعيف جدًا، امنحيه نجاحات صغيرة: “اليوم أنت قرأت 3 جمل بنفسك، هذا رائع”. 5- استخدام الحواس المتعددة علم النفس التعليمي يقول إن الطفل يتذكر أفضل كلما استخدم أكثر من حاسة: • البصر: ألوان، صور، جداول. • السمع: قراءة بصوت عالٍ، أغاني تعليمية. • اللمس والحركة: الكتابة بالطباشير، القص واللصق، التمثيل. هذا يجعل المذاكرة بعيدة عن الرتابة. 6- القدوة في البيت إذا رأى الطفل والده أو أمه يقرأون كتبًا أو يكتبون ملاحظات، سيفهم أن المذاكرة جزء من الحياة، وليست مجرد واجب مدرسي. 7- المكافآت والروتين المرن • ضعوا جدولًا يوميًا قصيرًا وواضحًا (مثلاً: نصف ساعة مذاكرة بعد الغداء، ثم لعبة، ثم مراجعة خفيفة قبل النوم). • استعملوا المكافآت الصغيرة مثل ملصقات، وقت إضافي للعب، قصة مفضلة قبل النوم. 8- إزالة الخوف من الفشل من أكثر ما يكره الطفل في المذاكرة هو الخوف من الخطأ أو من عقاب الأهل. • شجعيه أن يخطئ، وقولي له: “الخطأ طريق للتعلم”. • صححي أخطاءه بلطف، ولا تربطي خطأه بكرامته أو حبك له. 9- بناء علاقة حب مع الكتب • اقرؤوا قصصًا مشوقة قبل النوم. • اجعلوا الكتب جزءًا من حياتكم اليومية، لا مرتبطة فقط بالمدرسة. • امنحيه الحرية يختار قصة يحبها بجانب المنهج. خلاصة المذاكرة ليست سباقًا في عدد الساعات، بل في نوعية التجربة. إذا شعر الطفل أن المذاكرة وسيلة للنجاح والفرح، سيتعلم أن يجلس للكتب بنفسه دون صراع. أما إذا ارتبطت في ذهنه بالعقاب والضغط، فسوف يقاومها طول عمره. التربية الذكية تجعل الطفل الضعيف أكاديميًا يتحسن تدريجيًا، وتجعل الطفل القوي يثبت على حب التعلم. وكما يقول علماء النفس التربوي: “أنت لا تربي طفلًا يحب الدرجات فقط، بل تبني إنسانًا يحب المعرفة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى