الحمد لله الذي شمل بخلقه ورحمته ورزقه القريب والبعيد فسبحانه القائل ” وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ” وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله هو أفضل النبيين والمؤيد بالآيات البينات والحجج الواضحات والبراهين صلى اله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد لقد حذرنا الله عز وجل من الوقوع في جريمة الزنا، وإن الذي يمنع وقوع هذه الجريمة، ويضيّق دائرتها هو ما أمر به الإسلام من أحكام وآداب وعقائد وأخلاق وقد قال الله تعالى في سورة الإسراء ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ” والمعنى هو ابتعدوا عن أسباب الزنا، وعن المواضع التي يحتمل فيها الوقوع في الزنا لتقوا أنفسكم من شره وسوء مصيره.
ومن الأسباب التي تعينك علي البعد عن تلك الفاحشة هو قوة الإيمان بالله تعالى وتذكر الآخرة، لذا وجب على العبد ليعصم نفسه من الفواحش أن يقوي إيمانه بالله، وأن يتقيه ويخشاه ويحسن مراقبته لله سبحانه، ويستحضر هيبة الله وعظمته، ويتذكر وعيده وعذابه لمن خالف أمره وإرتكب ما نهاه عنه، فإذا ملأت مخافة الله سبحانه قلب العبد، كان مبتعدا عن نواهيه أشد البعد، وقد ضرب الله لنا مثلا بنبي الله يوسف عليه السلام الذي تواجدت حوله دواعي الجريمة، ولكنه استعصم بالله، و ” قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ” وكذلك التزام النساء بالملابس السابغة المحتشمة التي هي كرامة لهن وحماية من الأذى، وأدب غض البصر، وكف العيون الخائنة من البحث عن العورات، فغض البصر والسمع عما يثير الغرائز والشهوات من أغاني ماجنة.
وأفلام عاهرة، وصور عارية نجاة للعبد وراحة لقلبه وعقله لأن مد البصر والسمع للشهوات هي الخطوات الأولى التي يقود بها الشيطان أولياءه للوقوع في الزنا، لأن ما تراه العين ينتقش في القلب، ويظل يلحّ على الإنسان حتى يوقعه فيما يغضب الله عز وجل، ويقول الشاعر كل الحوادث مبدأها من النظر، ومعظم النار من مستصغر الشرر، كم نظرة فتكت في قلب صاحبها، فتك السهام بلا قوس ولا وتر، والمرء ما دام ذا عين يقلبها، في أعين الغيد موقوف على الخطر، يسر مقلته ما ضرّ مهجته، لا مرحبا بسرور عاد بالضرر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ” العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويصدّق ذلك أو يكذّبه الفرج ” رواه أحمد، وكما أن من الوصايا التي تبعدك عن الفاحشة هو فضل الزواج وأنه نعمة كبرى، ومنة من الله عظمى.
به يتحصن الفرج، ومن وفق ووفقت لزوج أو زوجة صالحين فقد أعانه الله تعالي على شطر دينه، فليتقي الله في الشطر الآخر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه علي شطر دينه، فليتقي الله في الشطر الباقي ” رواه الحاكم، وإذا رأى امرأة أعجبته فلا يتردد في مواقعة زوجته بالحلال، فإن ذلك يرد شهوته ويكسرها ويزيلها، بل وله في ذلك أجر وثواب، واعلموا يرحمكم الله أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف زوجته ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة أجرا، وكما أن من الوصايا التي تقي من الوقوع في الفاحشة هو الإكثار من ذكر على الدوام فهو الحصن الحصين من كيد الشيطان الرجيم.