كان أحب الصوم إليه في شعبان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا وجعل لكل شيء قدرا وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد قيل أنه لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس، إشتد عليه الكرب، فلما أخذ يشهق بكت ابنته، فقال يا بنيتي لا تبكي فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة كلها لأجل هذا المصرع، أما عامر بن عبد الله بن الزبير، فلقد كان على فراش الموت يعد أنفاس الحياة وأهله حوله يبكون، فبينما هو يصارع الموت سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب ونفسه تحشرج في حلقه.
وقد أشتدّ نزعه وعظم كربه، فلما سمع النداء قال لمن حوله خذوا بيدي، قالوا إلى أين ؟ قال إلى المسجد، قالوا وأنت على هذه الحال، قال سبحان الله أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه، خذوا بيدي فحملوه بين رجلين فصلى ركعة مع الإمام ثمّ مات في سجوده، فمن أقام الصلاة وصبر على طاعة مولاه ختم له برضاه، فاصبر لمر حوادث الدهر فلتحمدن مغبة الصبر،وامهد لنفسك لميتتها واذخر ليوم تفاضل الذخر، فكأن أهلك قد دعوك فلم تسمع وأنت محشرج الصدر، وكأنهم قد هيئوك بما يتهيأ الهلكى من العطر، وكأنهم قد قلبوك على ظهر السرير وظلمة القبر، يا ليت شعري كيف أنت على ظهر السرير وأنت لا تدري، أم ليت شعري كيف أنت إذا غسلت بالكافور والسدر، أم ليت شعري كيف أنت إذا وضع الحساب صبيحة الحشر، ما حجتك فيما أتيت وما قولك لربك بل وما العذر.
ألا تكون أخذت عذرك أو أقبلت ما استدبرت من أمر، فها هي أيام مضت وشهور إنقضت ودار التاريخ دورته فأقبلت الأيام المباركة تبشر بقدوم شهر القرآن وبين يدي هذا القدوم يهل علينا شهر شعبان، مذكرا جميع المسلمين بما يحمله لهم من خير، والمسلم يعلم أن شهر شعبان ما هو إلا واحد من شهور السنة حيث يقول الله تعالي ” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشرا شهرا ” ولكن المسلم يشعر أن لشهر شعبان مذاقا خاصا فيفرح بقدومه ويستبشر به خيرا، فهو الشهر الذي يتشعب فيه خير كثير من أجل ذلك اختصّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة تفضّله على غيره من الشهور، ولذلك يتميز شهر شعبان بأنه شهر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهو الشهر الذي أحبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضّله على غيره من الشهور، فقد روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال.
“كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان ” ووقفتنا التربوية هنا هل تحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل تجد في نفسك الشوق لهذا الشهر كما وجده الحبيب؟ وهل تجعل حبك للأشياء مرتبطا بما يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهو إختبار عملي في أن تحب ما يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال ” لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به “