سوريا بين الصراعات والأطماع الخارجية
بقلم : علي فتحي
بعد أكثر من ستين عامًا من حكم حزب البعث الذي أحكم قبضته على سوريا جاء إعلان تعليق نشاطه بمثابة صدمة سياسية تعكس انهيار النظام الذي ظل يسيطر على مفاصل الدولة لعقود طويلة سقوط نظام الأسد الذي اشتهر بالقمع والسياسات الاستبدادية فتح الباب أمام مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والصراعات الداخلية والخارجية ومع هذا التغيير ظهرت تقارير مثيرة للجدل حول العثور على مليار دولار نقدًا مرتبطة بحسابات في الاحتياطي الفيدرالي عبر رموز QR مما يثير تساؤلات خطيرة عن دور القوى الدولية وتحديدًا الولايات المتحدة في تمويل أطراف النزاع بشكل سري في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تظهر بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان يبدو أن سياساتها كانت أكثر تعقيدًا وغموضً ، في ظل هذا الوضع المتغير جاءت تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي لتكشف عن رؤية إيران للأحداث حيث أكد أن المقاومة تصبح أقوى كلما زاد الضغط عليها هذا الخطاب الذي يبدو أنه محاولة لتبرير الفشل الإيراني في حماية حليفها السوري كما يتجاهل الكوارث التي أحدثها التدخل الإيراني في الأزمة السورية من خلال دعم نظام الأسد ومواصلة سياسات أدت إلى تدمير البنية التحتية السورية وزيادة معاناة الشعب السوري .
إن التدخل الإسرائيلي في الأزمة السورية كان أكثر وضوحًا وفاعلية حيث قامت إسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية واسعة أسفرت عن احتلال أراضٍ جديدة في الجولان والقنيطرة وكشفت تقارير إعلامية عن قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير الدفاعات الجوية السورية وعدد كبير من الطائرات والدبابات السورية بالإضافة إلى قصف مواقع استراتيجية داخل دمشق هذا التوغل يعكس مدى الانهيار الذي أصاب الجيش السوري وجعله عاجزًا عن مواجهة أي تهديد خارجي ، محلل لـCNN صرح بأن الدبابات الإسرائيلية باتت على بعد 30 كيلومترًا فقط من دمشق مؤكدًا أن سوريا أصبحت كتابًا مفتوحًا أمام الموساد الإسرائيلي مما يعكس ضعف النظام الأمني والاستخباراتي السوري وانكشافه أمام القوى الإقليمية ، إضافه إلى ذلك كانت هناك اكتشافات خطيرة مثل شبكة الأنفاق التي كشفت عنها القوات الإسرائيلية في جبال القلمون والتي كانت تحت إدارة الحرس الثوري الإيراني هذه الأنفاق التي بنيت بتقنيات إيرانية وكورية شمالية تمثل نموذجًا للتدخلات الأجنبية التي زادت من تعقيد المشهد السوري كما أن وجود قاعدة صواريخ تحت الأرض في تلك المنطقة يشير إلى محاولات مستميتة من قبل إيران للحفاظ على نفوذها العسكري في سوريا لكن هذه الجهود باءت بالفشل بعد سيطرة إسرائيل على جبل الشيخ على والقرى المحيطه .
فوسط هذه التطورات المعقدة يعاني الشعب السوري من تداعيات سقوط نظام الأسد حيث ظهرت ميليشيات مسلحة وفصائل متناحرة تدعمها قوى إقليمية ودولية مما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل البلاد عرضة للتقسيم والتحول إلى ساحة للصراعات الدولية ومع غياب الجيش السوري كقوة مركزية لحماية البلاد باتت سوريا مكشوفة أمام التدخلات الخارجية والصراعات التي لا تنتهي ، ورغم كل هذه التحديات يبقى الأمل معقودًا على الشعب السوري لإعادة بناء دولته على أسس جديدة تتجاوز سنوات الحرب والقمع الشعب السوري الذي دفع ثمنًا باهظًا خلال العقود الماضية يواجه الآن مسؤولية تاريخية لإعادة بناء دولته وتحقيق طموحاته بعيدًا عن التدخلات الخارجية والتحالفات المشبوهة .
إن المرحلة القادمة تتطلب وعيًا سياسيًا واجتماعيًا لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار سوريا والتى هى اليوم تقف على مفترق طرق بين مستقبل مجهول وآمال كبيرة ولكن القرار يبقى بيد السوريين لتحديد مسارهم في هذه المرحلة المصيرية وتوحيد الصفوف للتغلب على التحديات وتحقيق تطلعات الشعب السوري الذي يستحق حياة كريمة ومستقبلًا مستقرًا .