أخبار مصر

رمضان عرفة يكتب.. حرب أكتوبر.. هل نستطيع أن نصنع انتصارًا جديدًا؟

رمضان عرفة يكتب.. حرب أكتوبر.. هل نستطيع أن نصنع انتصارًا جديدًا؟

لم تعد ذكرى حرب السادس من أكتوبر مجرد حدث عسكري في سجل الحروب العربية الإسرائيلية، بل تحولت إلى رمز متجدد لمعنى الإرادة حين تلتقي بالظروف الصعبة. واليوم، ونحن نعيش الذكرى الثانية والخمسين لهذا الانتصار، يبدو العالم غارقًا في أزمات لا تقل خطورة عن تلك التي أحاطت بالمنطقة عام 1973: صراعات ممتدة في الشرق الأوسط، حرب أوكرانيا التي أعادت أجواء الحرب الباردة، وسباق محموم على مصادر الطاقة التي كانت أصلًا من أبرز مفاتيح حرب أكتوبر.

لقد حقق المصريون والعرب في ذلك اليوم ما كان يبدو مستحيلاً، تمامًا كما تبدو بعض التحديات الراهنة خارج نطاق الحل. فالمشهد الإقليمي الحالي، من غزة المشتعلة إلى لبنان المهدد بانزلاق جديد، ومن السودان الممزق إلى ليبيا العالقة بين حكومتين وسلاحين، يعكس هشاشة النظام العربي أمام التدخلات الخارجية. وفي المقابل، تكشف الحرب الروسية – الأوكرانية كيف أن القوى الكبرى ما زالت أسيرة حسابات الهيمنة والردع، كما كانت في سبعينيات القرن الماضي.

لكن القيمة الحقيقية لانتصار أكتوبر ليست في استعادة الأرض فقط، بل في أنه أثبت أن الشعوب قادرة على كسر المعادلات المفروضة. هذه الرسالة تصبح اليوم أكثر إلحاحًا: فالدول الصغيرة والمتوسطة في الإقليم تواجه خطر أن تتحول إلى أوراق في لعبة الكبار، إلا إذا استعادت روح أكتوبر القائمة على توحيد الصفوف واستثمار أوراق القوة بذكاء، لا بالاكتفاء بالانتظار أو الارتهان للمساعدات.

إن ذكرى أكتوبر في ظل الظروف الدولية الراهنة تطرح سؤالاً جوهريًا: هل نستطيع أن نصنع انتصارًا جديدًا، ليس بالمدافع والدبابات، بل بقدرتنا على بناء اقتصاد منتج، وإعلام حر، ونظام سياسي يتسع للتعددية؟ لقد أثبتت حرب 1973 أن السلاح قد يُستورد من الخارج، لكن الإرادة الوطنية لا تُشترى ولا تُستعار.

ولعل أهم ما يمكن أن نتعلمه اليوم من أكتوبر أن التاريخ لا يمنح الفرص مرتين. فكما التقط المصريون لحظة نصرهم في زمن كان العالم منقسمًا بين معسكرين، علينا أن نلتقط اليوم لحظة التحولات الكبرى، قبل أن يكتب غيرنا مستقبل منطقتنا بأيديهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى