رؤية حول خطورة منصات التداول الرقمي على المجتمع المصري
بقلم د / هاني المصري
مع تزايد انتشار منصات التداول الرقمي في مصر، سواء كانت لتداول العملات المشفرة أو الفوركس أو غيرها من الأصول المالية، برزت العديد من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي قد تؤثر على الأفراد والمجتمع ككل. هذه المخاطر تتفاوت بين النصب المالي، والتقلبات الحادة، وانعدام الرقابة القانونية ، مما قد يؤدي إلى خسائر ضخمة للمواطنين.
—
أولًا : المخاطر الاقتصادية
1. الخسائر المالية الفادحة
– تداول العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثريوم يتميز بتقلبات حادة، حيث يمكن أن ترتفع الأسعار بشكل كبير ثم تنهار في وقت قصير، مما يعرض المستثمرين لخسائر ضخمة.
– في منصات الفوركس (Forex)، يعتمد التداول على **الرافعة المالية ، والتي قد تضخم الأرباح ولكنها قد تؤدي أيضًا إلى خسارة كل رأس المال في لحظات.
2. النصب والاحتيال
– الكثير من المنصات غير المرخصة تستهدف المصريين بوعود بأرباح ضخمة وسريعة، لكنها في الواقع **مخططات احتيالية مثل نظام Ponzi Scheme ، حيث يتم دفع أرباح للمستثمرين القدامى من أموال الجدد حتى تنهار المنصة فجأة.
– ظهور كيانات وهمية تدعي الترخيص ، لكنها تعمل خارج نطاق الرقابة المالية، مما يزيد من احتمالية التعرض للنصب.
3. تحويل الأموال للخارج وضياع رؤوس الأموال
– بعض منصات التداول غير محلية ، مما يعني أن الأموال تخرج من مصر إلى حسابات خارجية دون رقابة، مما يؤثر على احتياطي النقد الأجنبي ويضعف الاقتصاد المحلي.
– بعض المصريين يقعون في فخ شركات استثمارية أجنبية غير مرخصة، وحين يخسرون أموالهم لا يستطيعون استعادتها بسبب عدم خضوع هذه الشركات للقوانين المصرية.
4. عدم وجود حماية قانونية
– نظرًا لأن معظم منصات التداول الرقمي غير مرخصة في مصر ، فإن القانون لا يحمي المستثمرين في حالة التعرض للخداع أو النصب.
– السلطات المالية مثل **البنك المركزي المصري وهيئة الرقابة المالية** حذرت مرارًا من التعامل مع هذه المنصات، ومع ذلك يستمر البعض في الاستثمار دون وعي بالمخاطر.
—
ثانيًا : المخاطر الاجتماعية
1. انتشار ثقافة الكسب السريع دون مجهود
– تروج منصات التداول لفكرة الثراء السريع دون عمل ، مما يدفع الكثير من الشباب إلى ترك وظائفهم أو دراستهم لمحاولة تحقيق أرباح سريعة، وغالبًا ما ينتهي بهم الأمر بخسارة كل أموالهم.
– هذا يؤدي إلى ضعف الإنتاجية في المجتمع بسبب الاعتماد على الربح السهل بدلًا من العمل الفعلي.
2. ارتفاع معدلات الديون والانتحار
– بعض الأفراد يقترضون أموالًا أو يستدينون من الأهل والأصدقاء للاستثمار في التداول، وعند خسارتهم، يدخلون في **دوامة الديون** التي يصعب الخروج منها.
– سجلت بعض الدول حالات **انتحار** بين المستثمرين بعد خسارة أموال ضخمة، وهو خطر بدأ يظهر في بعض الدول العربية أيضًا.
3. انتشار الإدمان على التداول (Trading Addiction)
– التداول المستمر، خاصة في الأسواق المتقلبة مثل العملات الرقمية والفوركس، يمكن أن يصبح إدمانًا نفسيًا يشبه إدمان القمار، حيث يظل الشخص متعلقًا بالشاشة طوال اليوم بحثًا عن أرباح وهمية.
– هذا الإدمان يؤثر على الحياة الاجتماعية ، حيث يصبح الشخص معزولًا عن أسرته وأصدقائه بسبب انشغاله المستمر بالسوق.
ثالثًا : المخاطر القانونية والأمنية
1- تمويل الإرهاب وغسيل الأموال
– بعض منصات العملات المشفرة يتم استخدامها من قبل المنظمات الإجرامية لغسيل الأموال أو حتى لتمويل الإرهاب، بسبب صعوبة تتبع المعاملات المالية على هذه الشبكات.
– الحكومة المصرية، مثل غيرها من الحكومات، تسعى إلى **ضبط التحويلات المالية الرقمية** للحد من هذه المخاطر.
2 – استغلال البيانات الشخصية
– بعض منصات التداول تطلب بيانات شخصية وبنكية، ومع عدم وجود
رقابة كافية ، قد يتم تسريب هذه البيانات أو استغلالها في عمليات احتيالية.
– تعرض بعض المستخدمين لسرقة حساباتهم وسحب أموالهم من قبل قراصنة إلكترونيين.
كيف تحمي نفسك ؟
تجنب الاستثمار في المنصات غير المرخصة في مصر، واستشر الجهات الرسمية قبل الدخول في أي استثمار مالي.
لا تثق في الوعود الكاذبة بالثراء السريع ، فكل استثمار ينطوي على مخاطر، وإذا كان يبدو مثاليًا جدًا، فمن المحتمل أنه عملية نصب
احذر من الإعلانات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم استغلال المؤثرين والمشاهير للترويج لمنصات مشبوهة.
لا تستثمر أموالًا لا يمكنك تحمل خسارتها ، خاصة إذا كنت غير خبير بالتداول ولا تمتلك معرفة مالية كافية.
تابع تحذيرات الجهات الرسمية مثل البنك المركزي المصري وهيئة الرقابة المالية بخصوص منصات التداول غير القانونية. ختاماً
التداول الرقمي قد يكون أداة استثمارية مفيدة للمحترفين، لكنه يحمل مخاطر كبيرة جدًا للمجتمع المصري ، خاصة مع انتشار المنصات غير المرخصة وعمليات الاحتيال. على الحكومة تعزيز التوعية وتشديد الرقابة ، وعلى الأفراد توخي الحذر قبل استثمار أموالهم في هذه الأسواق المتقلبة.
