أخبار مصر

رأس نفرتيتي… الحُسن الذي تحدّى الزمن

رأس نفرتيتي… الحُسن الذي تحدّى الزمن

تجلس رأس نفرتيتي في هدوءٍ مهيب، كأنها ما زالت تتأمل العالم من عليائها، بثقة الملكات ورهافة الفن الذي لا يشيخ. إنها ليست مجرد تمثالٍ حجري، بل نشيد صامت للجمال، سطره فنان من العصور الغابرة ليقول للبشرية: “هكذا كانت المرأة المصرية، أنيقة الفكر والملامح والروح.”

اكتُشفت هذه التحفة عام 1912 في تل العمارنة، داخل محترف النحات “تحتمس”، الذي كان من أبرز فناني عصر إخناتون. لم تكن الصدفة وحدها من قادت إلى هذا الاكتشاف، بل القدر الذي شاء أن يُعيد إلينا وجه امرأة ما زالت تُلهم العالم بعد آلاف السنين.

في تفاصيل التمثال دقة مذهلة: عنق طويل كعمود زهرة اللوتس، وجه بيضاوي متوازن، شفتان ترتسم عليهما ابتسامة غامضة، وعين واحدة مرصّعة بالكريستال بينما الأخرى تُركت خالية… وكأن الفنان أراد أن يُخبرنا أن الكمال الحقيقي في الفن هو النقص الجميل، الذي يترك مساحةً للخيال.

نفرتيتي لم تكن مجرد زوجة لفرعون؛ كانت شريكة حكم، وصاحبة فكرٍ إصلاحي في ديانة ومفهوم الجمال. عاشت عصر إخناتون حين دعا إلى عبادة إله واحد “آتون”، وكانت إلى جواره رمزًا للقوة الأنثوية الحكيمة، التي توازن بين الروح والعقل.

يقف الزائر أمام رأسها اليوم في انبهارٍ وصمت، وكأنه أمام معجزة زمنية تتحدى قوانين الفناء. فبينما تهترئ الجدران وتتبدّل الممالك، تظل نفرتيتي تنظر إلينا من عمق التاريخ، بابتسامةٍ تقول إن الجمال لا يموت، بل يتجدد كلما تأملته روحٌ صادقة.

إنها ليست تمثالًا… إنها رسالة من الحضارة المصرية إلى العالم: “حين نُنحت بالجمال، نُخلّد للأبد.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى