ذكر الله ” شكر للمنعم ونجاة للذاكر” .. للأستاذ الدكتور احمد الجبالي – جامعة الأزهر
متابعة – محمود الهندي
قال الاستاذ الدكتور أحمد محمود الجبالي أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات كفرالشيخ جامعة الأزهر الشريف وأحد الدعاة المعتمدين في وزارة الأوقاف المصرية .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وبعد :
فإن المهمة التي من أجلها خُلِقَ الإنسانُ هي عمارة الأرض وفق المنهج الصحيح، ولذا كانت الغاية الأولى والأهم من خلق الإنسان، قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61] ولن يكون هذ التعمير والبناء صالحا إلا بالطاعة والعبادة الخالصة لله، القائمة على القيم الأخلاقية القويمة، ولذا ختم هذا الخبر في الآية الكريمة بقوله {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} ومن ثم حصر الله تعالى خلق الإنسان على سبيل القصر في مهمة واحدة وهي عبادة الله تعالى، والتي تشمل – كما ذكرت – العمل على بناء الأرض وتعميرها، قال تعالى:{وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ *ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}0 [الذاريات:56 – 57] .
ومعلوم أن العبادات منها ما هو فعلي، ومنها ما هو قولي.
والعبادات الفعلية: هي التي تقوم على فعل الجوارح، ويحتاج الإنسان معها إلى إعمال الفكر، وتعب الجسد مع المشقة والإجهاد، كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وفعل الخير من أبواب العبادات الفعلية، ولذا كان هناك نوع من الصبر يسمى بالصبر على الطاعة، كالصبر على الصلاة، والصبر على أداء الزكاة مع حب النفس للمال، والصبر على الصيام والحرمان من شهوتي البطن والفرج مع وجود الطعام والماء والنساء والقدرة على تناول ذلك، والصبر على الحج مع ما فيه من تعب جسماني، وإنفاق مالي، والصبر على الجهاد مع ما فيه من تعب ومشقة ومظنة إزهاق النفس وضياع المال، حتى إن تعريف الجهاد في اللسان العربي بمعنى التعب والمشقة، … وغير ذلك .
وأما العبادات القولية : فإن مناطها اللسان، ومظانها باب الذكر والدعاء فليس بها تعب ولا مشقة فالإنسان يستطيع القيام بها في أي وقت وعلى أي حالة دون جهد ولا تعب ولا مشقة قال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران:190-194] .
وكما هو مركوز في النفوس أن كل نعمة أنعمها الله على العبد توجب شكر المنعم عليها، ولا يقبل شكر النعمة إلا إذا كانت من جنسها وعلى قدر استحقاقها، ونعمة البيان من أجل نعم الله تعالى على الإنسان، إذ به يستطيع أن يعبر عما يشعر به، وما يجيش بداخله ما لا يعلم ظاهرا، ومن ثم واجب على الإنسان شكر الله عليها، بأن يشغل لسانه بذكر الله على ما أعطاه من نعم. قال تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[ سورة إبراهيم:7]
وقد روي يروى أن أعرابيا كان يسير في الطرقات فإذا برجل مبتلى في عينه، وقدميه، وبدنه، وسمعه يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، فقال له الأصمعي: على أي شيء تحمد الله وأنت على هذه الحالة ؟!!!! فقال الرجل المبتلى: إليك عني يا جاحد، أحمده أن جعل لي قلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، وجسدا على البلاء صابرا .
والحق أن الذكر في باب الطاعات من خير ما يتقرب به وأحب ما يتلفظ به العبد ، عند الله، بل حاز من الفضل ما لا يصل إليه من العبادات الأخرى فقد ورد في مستدرك الحاكم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْضَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ» قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَا عَمِلَ امْرُؤٌ بِعَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، كما ورد في صحيح مسلم عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ : سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ. لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ” .
وقد يسأل سائل هل هن أفضل أم القرآن، أقول المقصود بأحب الكلام، أي كلام البشر، وإذا كان المقصود بالكلام كل الكلام بما فيه القرآن نقول أنها كلمات جاءت في القرآن فهي جزء منه ومن ثم فهي والقرآن سواء لكونها منه، إلا الرابعة فليست من القرآن .
وَالْمُوجِبُ لِأَفْضَلِيَّتِهَا اشْتِمَالُهَا عَلَى جُمْلَةِ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ مِنَ التَّنْزِيهِ وَالتَّحْمِيدِ، وَدَلَالَتُهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَطَالِبِ الْإِلَهِيَّةِ إِجْمَالًا.
ومما يدل على بيان فضل الذكر، وقيمته في تحصيل الدرجات، أو الحط من الذنوب والمعاصي والسيئات، جملة من أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك ما ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ” .
وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ،حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ “
وعنه أيضا – في صحيح مسلم – عَنْ رَسُولِ اللهِ rقال: مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ” .
وعنه رضي الله تعالى عنه – أيضا- ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r، قَالَ: ” مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ” صحيح مسلم .
وكما في صحيح مسلم عن مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ» صحيح مسلم .
وفي سنن أبي داوود عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ قَالَ: «خَصْلَتَانِ – أَوْ خَلَّتَانِ – لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ، تُسَبِّحُ اللَّهَ عَشْرًا، وَتَحْمَدُ اللَّهَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُ اللَّهَ عَشْرًا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ، وَتُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ – عَطَاءٌ لَا يَدْرِي أَيَّتُهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ – إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ، فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَ مِائَةِ سَيِّئَةٍ؟» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: «يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُومُ وَلَا يَقُولُهَا، فَإِذَا اضْطَجَعَ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا» .
انظر إلى كثرة المشوقات للخبر مما يدل على أهمية المشوق إليه، وقد قيل : إن كثرة الصفات – لاسيما الطيبة – تدل على شرف الموصوف وعلو منزلته .
ناهيك عن أن الذاكر لله دوما يكون في معية، وتحت حفظه، وداخل في رعايته، فائز بمغفرته ورحمته فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ” قَالَ: «فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» قَالَ: ” فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ ” قَالَ: ” فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ ” قَالَ: ” فَيَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ ” قَالَ: ” فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا ” قَالَ: ” يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ ” قَالَ: «يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ» قَالَ: ” يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ” قَالَ: ” يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً، قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ ” قَالَ: ” يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ” قَالَ: ” يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً ” قَالَ: ” فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ” قَالَ: ” يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ” .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ُ- أيضا – قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ” يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ” .
وأخيرا وليس آخرا، فقد ورد في صحيح ابن حبان، والحاكم في لمستدرك، أبي داوود عن مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَخَذَ بِيَدِهِ يَوْمًا فَقَالَ: “يَا مُعَاذُ إِنِّي والله لأحبك” فقال معاذ بأبي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ فَقَالَ: “أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”.
والله من وراء القصد .