انا والغراب
بقلم عبير مدين
سألني والدي وانا في مرحلة الشباب عندما قمت بقص شعري تقليدا لنجمة الإعلام المصري ماما نجوى ابراهيم قائلا ماذا تعرفين عن الغراب؟ اجبت بسرعة أنه طائر، امسك بيدي واجلسني جانبه وانا أتعجب لماذا لم يثني على قصة شعري التي اعجب بها كل من رآني وامطرني بكلمات الاعجاب والغزل؟! قال ابي عجبا لخلق الله يا عبير هذا الطائر الصغير اول وأكبر معلم للبشرية منذ أن بدأ بتعليمنا كيف ندفن الموتى وكيف…. واخذ يعدد من صفات هذا الغراب إلى أن قال وهناك قصة قرأتها في طفولتي تقول إن الغراب كان يمشي كسائر الطيور لكنه ذات يوم أراد أن يقلد الطاووس فكانت النتيجة أنه لم يستطع أن يمشي كالطاووس ولا أن يعود يمشي كالسابق نظرت له متعجبة وسألته بحزن هل تقصد انك تراني غرابا يا أبي؟! ضحك وقال لا بالتأكيد اني أراك جميلة لكن أخشى أن تنظري إلى الأمور بسطحية وتقومي بتقليد الآخرين دون النظر إن كان هذا يناسبك ام لا؛ نجوى ابراهيم يا بنيتي صنعت نفسها بنفسها اجتهدت إلى أن أصبحت نموذجا يحتذى به وأنا أحب أن تتفردي بشخصيتك ألا يكون هدفك تقليد الآخرين لكن أن يكون هدفك أن يقلدك هؤلاء الآخرين وهذا يحتاج من سنوات من التعب و الجهد والدخول في منافسة وخير منافسة المنافسة مع نفسك ورفع سقف طموحك ومحاولة الوصول إليه لا يهم جوهرك اهم من شكلك، جوهرك هو من سيضع اللمسات الأجمل لمظهرك.
إن محاولة تطوير الذات لا بأس بها وهي محاولة محمودة بشرط ألا تكون وسيلة لطمس جذورك أو للاستعلاء على الآخرين خاصة هؤلاء الذين يعرفون هذه الجذور طمس الهوية يحتاج سنوات لا يأتي فجأة بقراءة موضوع أو مشاهدة برنامج التطور والجمال يتأتى من تقبل الآخرين لأي تحديث ترغبين به يمكن أن يلحظ الآخرين انك شخص أرستقراطي وانت تأكل بيدك لا بالشوكة والسكين، يمكن أن يلحظ الآخرين انك شخص بيئة وانت تتصنع التحضر، موقف واحد كفيل بأن ينزع الستار ويكشف ما أردت أن تخفيه ووقتها لن تستطيع أن تعود لنسختك القديمة ولا أن تستمر في التمثيل فتصبح عالقا بينهما وتصبح أضحوكة.
رحمة الله عليك يا والدي مازلت أتعلم منك حتى بعد أن ابتلع جسدك التراب.