العدل في العالم لا يكتمل إلا بالاعتراف بدولة فلسطين
بقلم . عبدالحميد نقريش :
في عالم يزداد فيه الحديث عن حقوق الإنسان، والسلام، والتعايش، يبقى العدل القيمة الأسمى التي يتوق إليها كل شعب مظلوم، وكل إنسان مقهور. غير أن الحديث عن عدل عالمي يظل ناقصًا ومبتورًا طالما بقي الشعب الفلسطيني محرومًا من أبسط حقوقه المشروعة: حقه في تقرير المصير، وقيام دولته المستقلة على أرضه، وعاصمتها القدس الشرقية.
ما يحدث في الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من سبعة عقود هو جرح مفتوح في ضمير العالم. احتلال، حصار، استيطان، تهجير قسري، ومجازر موثقة، كل ذلك يجري تحت أنظار العالم، وبعضه بصمت أو تواطؤ دولي. لذلك فإن العدل الحقيقي لا يمكن أن يتحقق دون اعتراف كامل وصريح بحقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها الاعتراف بدولته.
في خطوة تاريخية، أعلنت فرنسا مؤخرًا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، لتنضم إلى قائمة الدول التي قررت أن تكون على الجانب الصحيح من التاريخ. لم يكن هذا الموقف مجرد إجراء دبلوماسي، بل رسالة قوية مفادها أن أوروبا – والعالم المتحضر – بدأت تفهم أن الصمت لم يعد مقبولًا، وأن العدالة لا تقبل الانتقاء.
فرنسا، بصفتها قوة دولية وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن، أعطت دفعة معنوية وسياسية كبيرة للفلسطينيين، ووجهت رسالة واضحة للاحتلال: أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن الحرية قادمة مهما طال الطريق.
في قلب هذه التحولات الدولية المتسارعة، لا يمكن الحديث عن دعم القضية الفلسطينية دون التوقف أمام الدور المصري المحوري، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي جعل من نُصرة الشعب الفلسطيني قضية قومية وأولوية إنسانية.
منذ بداية التصعيدات المتكررة في غزة والضفة الغربية، حرصت مصر على استخدام أدواتها الدبلوماسية والسياسية والإنسانية لإنهاء المعاناة، وقادت جهود التهدئة ووقف إطلاق النار أكثر من مرة، حفاظًا على أرواح المدنيين.
كما فتحت مصر أبوابها للمساعدات، واستقبلت الجرحى، وشاركت بقوة في إعادة إعمار قطاع غزة، وكان لها دور فاعل في المحافل الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، مؤمنة أن لا استقرار في المنطقة دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
الرئيس السيسي أكد مرارًا أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو حجر الأساس لأي سلام عادل وشامل. وهذا الموقف الثابت لا يأتي من باب المجاملة، بل من عقيدة سياسية راسخة ترى في إنصاف الشعب الفلسطيني استحقاقًا لا يمكن التراجع عنه.
اعتراف فرنسا لم يأتِ من فراغ، فقد سبقته دول كثيرة حول العالم، تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة:
من الدول الأوروبية: السويد، أيرلندا، إسبانيا، النرويج، بلجيكا، مالطا، سلوفينيا، البرتغال.
من أمريكا اللاتينية: البرازيل، الأرجنتين، تشيلي، بوليفيا، فنزويلا، الإكوادور، نيكاراغوا.
من آسيا وأفريقيا: جميع الدول العربية، الصين، الهند، باكستان، إندونيسيا، تركيا، إيران، ومعظم دول أفريقيا.
حتى الآن، أكثر من 140 دولة في الأمم المتحدة اعترفت بدولة فلسطين رسميًا.
العدالة لا تتجزأ. وحين تُرفع راية فلسطين في الأمم المتحدة، وعواصم العالم، فهي لا تُرفع فقط نيابة عن شعبها، بل عن كل إنسان مظلوم يتطلع إلى الحرية.
إن اعتراف الدول بدولة فلسطين ليس فقط تضامنًا سياسيًا، بل إقرار بحق لا يسقط بالتقادم.
يُقال إن “من ينحاز للعدل لن يندم يومًا”، واليوم تتوسع دائرة هذا الانحياز، وتزداد الأصوات الداعمة لفلسطين في كل القارات. ما كان يُعتبر حلمًا أصبح أمرًا حتميًا يفرضه ضمير العالم.
لن يكون العالم عادلًا بحق ما لم يُنصف الشعب الفلسطيني. لن يكتمل العدل الدولي ما دامت فلسطين ترزح تحت الاحتلال.
إن دعم فلسطين هو اختبار حقيقي لكل من يرفع شعار العدالة والحرية. واليوم، وباعتراف فرنسا وعدد متزايد من الدول، تتجه بوصلة العالم نحو الصواب.
فالعدل لا يكتمل… إلا بالاعتراف الكامل بدولة فلسطين، ورفع الظلم عنها، وت