السؤال اللي محدش بيسأله آخر السنة
بقلم: د. كريم ابوعيش
ساعات قليلة وينتهي عام 2025 بأفراحه وأحزانه، بما حمله من مكاسب وخسائر، وضحكات ووجع صامت. وتبدأ حفلة الجرد المعتادة. صور بتتلمع، شهادات بتتعلّق، تكريمات بتتكتب، وإنجازات بتتقال بنبرة واثقة. وده كله مش غلط، ولا عيب، ولا حاجة وحشة… بالعكس، كل مجتهد من حقه يفرح بتعبه ويشوف نتيجته.
لكن الغريب إن وسط الزحمة دي، في حاجة محدش بيحب يقف عندها، رغم إنها أكتر حاجة أثّرت في ناس كتير السنة دي. حاجة مالهاش صور، ولا شهادات، ولا بوستات شكر… ومع ذلك كانت الفارق الحقيقي في حياة ناس كتير.
ناس داخلة على 2026 وهي أهدى. مش لأن الدنيا بقت أسهل، لكن لأن عدد البشر حواليها قل. دوائر اتفلترت لوحدها، ووجوه اختفت من غير خناقات، وعلاقات انتهت بهدوء، كأنها كانت حمل واتشال من غير ما حد يحس.
في ناس خرجت من 2025 لا أغنى، ولا أعلى منصبًا، ولا أكتر شهرة… بس أخفّ. بتنام أحسن، بتتكلم أقل، بطّلت تشرح نفسها، وبطّلت تبرر اختياراتها. وده لوحده إنجاز كبير، بس محدش بيعلّقه على الحيطة.
وفي ناس تانية حققت اللي كانت بتسعى له، لكن اكتشفت إن النجاح وهو محاط بناس مرهقة ليه طعم مختلف. طعم فيه تعب زيادة، ونفَس ناقص، وإحساس دايم إن في حاجة مش مظبوطة، مهما زادت المكاسب.
العجيب إن محدش بينشر إنه اتعلّم يقول “لا”، أو إنه اختار يقعد مع نفسه بدل قعدة تقيلة، أو إنه بقى يفرّق بين اللي بيسأل بدافع الاهتمام، واللي بيسأل بدافع الفضول. مع إن الحاجات دي بتغيّر شكل الحياة أكتر من أي لقب.
2025 كانت سنة كاشفة. كشفت مين وجوده إضافة، ومين وجوده استنزاف. كشفت إن مش كل ضحكة صادقة، ومش كل قُرب أمان، ومش كل استمرار نعمة.
وقبل ما السنة تمشي بهدوء وتسيبنا نستقبل سنة جديدة، يمكن أهم سؤال نسأله مش: عملت إيه؟
لكن: مين فضِل؟… ومين مشي؟ … ومين كان لازم يمشي من زمان؟
السؤال ده بالذات إجابته بتقعد معاك لوحدك.
ومن غير ما تحس، تلاقي نفسك يا بتبتسم، يا بتسكت، يا بتفهم حاجات كتير متأخر… بس في الوقت الصح.
وكل عام وأنتم بخير.
حديث_الثلاثاء
زر الذهاب إلى الأعلى