الدفاع عن الدين والمقدسات والنفس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلا، وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد إن الفرق بين الجهاد في الشريعة الإسلامية وبين الإرهاب واضح كالفرق بين السماء والأرض، موضحا أن الشريعة الإسلامية تحض على الجهاد وتدعو إليه لأنه شرع لأمرين هامين وهما الدفاع عن الدين والمقدسات والنفس والوطن والعرض والمال وكل ما أمرنا الله تعالى بالدفاع عنه، ولنصرة المظلوم ” أما الإرهاب فهو ما ترفضه وتمنعه الشريعة الإسلامية لأنه يروع المدنيين الأبرياء الآمنين دون أي ذنب.
وبالطبع الإسلام يرفض كل أشكال الاعتداء على النفس الآمنة البريئة ويرى أن من يعتدي على نفس واحدة ويقتلها فكأنما قتل الناس جميعا، وقال أيضا ” إن الأديان والحضارات تتعاون، وتتحاور فيما بينها عند العقلاء، ولا تتصارع كما يقول الأغبياء، فالمسلمون لا يؤمنون مطلقا بالنظرية الفاسدة، وهى التي لا تهدف إلا للخراب والتصادم والتدمير ونشر الشر، فالحوار بين الأديان والحضارات لا يأتي إلا بالخير والنفع للبشرية لأن التعايش والتحاور، والتعارف بين الأمم من حكم الله تعالى، كما قال تعالى فى كتابه الكريم “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير” فالله سبحانه وتعالى، لم يقل هنا يا أيها المؤمنون وإنما قال يا أيها الناس فالنداء هنا عام لكل البشر.
وعندما كان المسلمون يعيشون في مكة كانوا يتعرضون للتنكيل والتعذيب من كفار قريش، بسبب إيمانهم واعتقادهم، واستمر هذا لمدة ثلاثة عشر عاما منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تعرض فيه المسلمون إلى شتى أنواع التعذيب والظلم، فكان المسلمون يتعرضون للتعذيب والحرق والإغراق والقتل أحيانان وعلى الجانب الاقتصادي كان الظلم عن طريق مصادرة المال دون وجه حق واغتصابه بالقوة، والطرد من الديار، هذا بخلاف ظلم النفس بالسب والقذف وتشويه السمعة، وسلب الحرية بالحبس والعزل عن المجتمع، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم، للمؤمنين بالهجرة أولا إلى الحبشة حيث كان يحكم فيها ملك نصرانى عادل، وقد سمح للمسلمين اللجوء إلى بلاده فعاش المسلمون الأوائل في بلاده في أمان.
وكان بعد ذلك وإزاء هذه الظروف والابتلاءات في مكة أذن الله تعالى، لأتباع النبى صلى الله عليه وسلم، الهجرة إلى المدينة المنورة، فلم يكن أمام المسلمون آنذاك إلا أصعب الحلول ألا وهو ترك الأهل والديار، والبحث عن وطن جديد يؤويهم، وقد يكون أقرب وصف لوضع المسلمون حينئذ هو اللاجئون بلغة عصرنا هذا، وكان بدء خروجهم إلى يثرب، وهو الاسم السابق للمدينة المنورة قبل الهجرة، في مطلع السنة الثالثة عشرة للبعثة النبوية الشريفه، إلا أن هروب المسلمون لم يعجب قريش التي لم تكف أذاها وأبت أن تترك المسلمون في سلام فأخذت تطاردهم حتى قتلت من قتلت ومنعت البعض من أخذ أموالهم وممتلكاتهم، وعملت على تضييق الخناق عليهم بشكل عام ولذلك كان خروج المسلمون من مكة يتم في الليل وفي تخفي خشية من قريش.
حتى لا تمنعهم من الهجرة، وليسلموا من أذاها حقنا لدمائهم وحتى يتمكنوا من إقامة شعائر دينهم والحياة في سلم، ثم هاجر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى يثرب في العام الثالث عشر بعد بدء رسالته.