منوعات

الخيمة الكبيرة التي يستظل بها الجميع

الخيمة الكبيرة التي يستظل بها الجميع

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي نصب الكائنات على وحدانيته حججا، وجعل لمن اتقاه من كل ضائقة مخرجا، وسبحان من أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين، إفترض على العباد طاعته وتوقيره ومحبته، شرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، هدى به من الضلالة وعلم به من الجهالة، وكثر به بعد القلة وأعز به بعد الذلة وأغنى به بعد العيلة، وبصر به من العمي وأرشد به من الغي وفتح برسالته أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا أما بعد إن الوطن هو الخيمة الكبيرة التي يستظل بها الجميع، وهو الشجرة المثمرة التي تمنح أبناءها أطيب الثمار.

دون كلل أو ملل، وهو السماء العالية التي تحتضن كل مواطن، لهذا فإن حبه واجب تفرضه الإنسانية أولا والانتماء الحقيقي ثانيا، لهذا فإن من واجب الأم والأب والمعلمين، وجميع أفراد المجتمع تعليم حب البلاد للأطفال حتى يكبروا على هذا الحب، ويكونوا مستعدين للدفاع عنه وفدائه بالروح والمال والدم، وغرس الانتماء في داخلهم، وهذا لا يكون بالقول فقط، بل يجب أن يظهر الجميع القدوة الحسنة أمام الأطفال في الدفاع عن أوطانهم التي تمثل كرامتهم، وإن نيل الشهادة في سبيل الله دفاعا عن الأوطان مكرمة جليلة، ومنحة كبيرة، يمن الله تعالى بها على من يشاء، فيقول سبحانه وتعالى “وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء” أى ليكرم منكم بالشهادة من أراد أن يكرمه بها، فدرجة الشهداء كبيرة، ومنزلتهم رفيعة، فهم أحياء فرحون، عند ربهم يرزقون.

فقال الله عز وجل، مذكرا بعظم منازلهم فى كتابه الكريم ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون” فطوبى لأبناء هذا الوطن الأبرار، الذين التحقوا بركب الشهداء الأطهار، الموعودين بأعظم الجزاء عند العزيز الغفار، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن من فتنة القبر” وإن بركة الشهيد لا تقتصر عليه، بل تتعداه إلى أهله وذويه وأقاربه، فيقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار،

الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه” وإن من يحب وطنه يسعى لأن يدافع عنه بكامل قوته، ولا يكون الدفاع عن الوطن فقط بحمل السلاح والمرابطة على حدوده لحمايتها من الأعداء والجيوش المحتلة، بل يكون الدفاع عنه بمنع انتشار الفساد والفتن فيه، والسعي لأن يكون الوطن حصنا منيعا في وجه كل اعتداء، فهو الجنة التي يجب أن تحاط بالأسوار العالية وأن تحميه الأرواح الغالية والدماء الزكية، ولا يمكن للوطن أن يكون مصانا إلا بدماء أبنائه الذين يدافعون عنه مهما كانت الظروف والأحوال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى