الخيانة هي شر ما يبطنه الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي تفرد في أزليته بعز كبريائه، وتوحد في صمديته بدوام بقائه، ونور بمعرفته قلوب أوليائه، وطيب أسرار القاصدين بطيب ثنائه، وأسبغ على الكافة جزيل عطائه، وأمن خوف الخائفين بحسن رجائه، الحي العليم الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في أرضه ولا سمائه، القدير لا شريك له في تدبيره وإنشائه، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه وسيد أصفيائه، صلى عليه الله ربى دائما ما دامت الدنيا وزاد كثيرا، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد اعلموا أن نكران الجميل سبب لدخول النار.
فحين تكون عادة الإنسان نكران الجميل، وكفران الإحسان فإنه يسلك بذلك سبيلا إلى النار والعياذ بالله، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالن قال النبي صلى الله عليه وسلم “أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن” قيل أيكفرن بالله؟ قال “يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط” واعلموا يرحمكم الله أنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ” من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب” فإياك إياك ونكران الجميل، واشكر صنائع المعروف، وكن من الأوفياء، فإن الكريم يحفظ ود ساعة.
فقد ثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر” وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في قوله ” إذا اؤتمن خان” أي إذا ائتمنه إنسان على شيء خانه، فمعنى الخيانة وحقيقتها هو عمل من اؤتمن على شيء بضد ما اؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الخيانة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة” أي إن الخيانة هي شر ما يبطنه الإنسان، والله تبارك وتعالى لا يحب من اتصف بهذه الصفة الذميمة.
كما قال تعالى ” إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ” وقال العلامة ابن كثير رحمه الله وقوله ” إن الله لا يحب كل خوان كفور ” أي لا يحب من عباده من اتصف بهذا، وهو الخيانة في العهود والمواثيق، لا يفي بما قال والكفر الجحد للنعم، فلا يعترف بها، وكما قال الله سبحانه وتعالي ” وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علي سواء إن الله لا يحب الخائنين ” وقال الإمام الطبري رحمه الله ” يقول تعالى ذكره وإما تخافن يا محمد من عدو لك بينك وبينه عهد وعقد أن ينكث عهده، وينقض عقده ويغدر بك، وذلك هو الخيانة والغدر، فانبذ إليهم علي سواء، يقول فناجزهم بالحرب، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم بما كان منهم من ظهور آثار الغدر والخيانة منهم، حتى تصير أنت وهم على سواء في العلم بأنك لهم محارب.
فيأخذوا للحرب آلتها، وتبرأ من الغدر ” إن الله لا يحب الخائنين ” أي الغادرين بمن كان منه في أمان وعهد بينه وبينه أن يغدر، فيحاربه قبل إعلامه إياه أنه له حرب وأنه قد فاسخه العقد”