الحب الحقيقي… لغة القلوب التي لا تعرف المواعيد
بقلم/ الدكتور علي الدكروري
في زحام الأيام وضجيج الحياة، يبقى الحب هو النغمة الوحيدة القادرة على إعادة السلام إلى أرواحنا.
ليس الحب كلمة تُقال في مناسبة عابرة، ولا شعورًا يقتصر على لحظات الرومانسية، بل هو حالة إنسانية سامية تتجلى في أفعالنا اليومية، في نظرة صدق، أو كلمة ودّ، أو موقف وفاء.
ولم أكن أدرك من قبل أن لمصر عيدًا خاصًا بالحب، حتى علمت أن الرابع من نوفمبر هو يوم الحب المصري، ذلك اليوم الذي يحمل بين طياته طابعًا مختلفًا يليق بقلوب المصريين ودفء مشاعرهم.
لقد اعتدت مثل كثيرين أن يكون عيد الحب في الرابع عشر من فبراير فقط، حين يحتفل العالم كله بالرومانسية والعواطف بين العشّاق، لكنني عندما اكتشفت أن لمصر عيدًا آخر للحب، شعرت بأن هذا الاحتفال المحلي يحمل روحًا مصرية خالصة، تمزج بين الصدق والبساطة والدفء الإنساني، وتؤكد أن الحب في مفهومنا لا يُختصر في علاقة عاطفية، بل هو مساحة واسعة من المشاعر تمتد لتشمل الأصدقاء، والأهل، والجيران، وزملاء العمل، وكل من نحبهم بصدق.
في هذا اليوم المميز، غمرتني مشاعر الفرح وأنا أتلقى العديد من الرسائل والكلمات الرقيقة من الأصدقاء والمحبين، كلمات مليئة بالودّ والتقدير، جعلت قلبي يفيض امتنانًا وسعادة، وأيقنت أن عيد الحب المصري ليس مجرد مناسبة اجتماعية أو تقليد عالمي، بل هو تعبير عن جوهر الشخصية المصرية التي تُقدّر العلاقات الإنسانية وتؤمن بأن المحبة هي مفتاح القلوب وسرّ السعادة.
إن هذا اليوم يذكّرنا بأن العلاقات الإنسانية هي رصيدنا الحقيقي في الحياة، فهي التي تمنحنا القوة وسط الصعاب، وتلهمنا الصبر في مواجهة التحديات، وتجعلنا نتمسك بالأمل مهما كانت الظروف.
الحب في معناه الواسع هو الذي يجعل الإنسان إنسانًا، لأنه لا يقوم على الأخذ فقط، بل على العطاء، والتسامح، والاهتمام، والتقدير، وهي القيم التي نحتاج أن نُعيد ترسيخها في مجتمعنا كل يوم.
لقد لفت انتباهي أن كثيرين في هذا اليوم يتبادلون الكلمات الطيبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا في حد ذاته مؤشر جميل على أن القلوب ما زالت عامرة بالخير، وأن مشاعرنا رغم ضغوط الحياة لم تبهت بعد.
إنها فرصة رائعة لنتوقف قليلًا وسط إيقاع الحياة السريع، لنتأمل من نحبهم، ونقول لهم ببساطة: “شكرًا لأنكم في حياتنا”.
فالكلمة الطيبة، والاهتمام الصادق، والابتسامة الدافئة، هي أعظم صور الحب التي تُبقي المودة متجددة بين البشر.
إن عيد الحب المصري لا ينافس عيد الحب العالمي، بل يُكمله ويمنحه بُعدًا أعمق، لأنه يذكّرنا بأن الحب ليس حكرًا على الأزواج أو العشاق، بل هو إحساس شامل بالحياة وبالناس من حولنا.
هو حب الوطن الذي يسكن القلب دون مقابل، حب الصداقة الذي يثمر في الأزمات، حب العائلة الذي يمنحنا الجذور، وحب العمل الذي يصنع الإنجاز.
فلنحتفل بهذا الحب الجميل بكل أشكاله، ولنرسل رسائل الامتنان لمن يستحقونها، فبالحب تتجدد الحياة، وبالعلاقات النقية يزدهر الإنسان ويشعر بالاكتمال.
دعونا نؤمن بأن الحب ليس موسمًا يزورنا ثم يرحل، بل أسلوب حياة نعيشه كل يوم، في كلمة حانية، أو تصرف نبيل، أو دعوة صادقة.
ونصيحتي لكم جميعًا:
أحبّوا في كل حين، وعبّروا عن مشاعركم دائمًا، ولا تجعلوا الخجل أو الانشغال يمنعكم من قول “أحبك” لمن يستحقها.
فالحب لا يُقاس بالتواريخ، ولا يُقيد بالمواسم، إنه روح تسكن تفاصيلنا اليومية، تُضيء طريقنا، وتُلهمنا لنكون أفضل.
وكل عامٍ والحب في قلوبنا متجدد،
وكل عامٍ وقلوبنا المصرية عامرة بالدفء، نابضة بالحنان، ومليئة بالمحبة الصافية التي لا تعرف المواعيد.
زر الذهاب إلى الأعلى