الإستغاثة بغير الله تعالي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم أما بعد لقد حذرنا الإسلام أشد تحذير من الشرك بالله، وقال شيخ الإسلام في معرض حديثه عن الإستغاثة بغير الله ” ومن أثبت لغير الله ما لا يكون إلا لله فهو أيضا كافر، إذا قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها” وقال الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن بن حسن معلقا على كلام ابن تيمية ” فيمن إعتقد في بشر أنه إله أو دعا ميتا وطلب منه الرزق والنصر والهداية وتوكل عليه وسجد له، بأنه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه” ونحوها مما يكثر في كلام شيخ الإسلام قال.
” وأن هذا هو عين كلام شيخ الإسلام فيُستتاب فإن تاب وإلا قتل بضرب عنقه ولم يقل يعرّف ولا قال ما يكفر حتى يعرّف كما ظن ذلك من لا علم عنده ومن هو مدخول عليه في أصل دينه” وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله مجيبا على سؤال مفاده أن بعضهم يقول إن كان مراده كذا فهو كافر فما قولكم؟ فأجاب عليه الرحمة والرضوان ” مراد هؤلاء أنه لا يكفر إلا المعاند فقط وهذا من أعظم الغلط، فإن أقسام المرتدين معروفة ممن ردته عناد وبعضهم لا، وفي القرآن يقول الله عز وجل “ويحسبون أنهم مهتدون” وحسبانهم أنهم على شيء لا ينفعهم وبعضهم يقول إن كان مرادهم كذا وهذه شبهة عدم تكفير المعين وصريح الكتاب والسنة يرد هذا” وهذا الحكم إنما هو في الألفاظ الصريحة غير المحتملة التي تدل على الكفر، أما المحتملة فلا بد من الإستفصال وغني عن القول أنه لا يكفر من قالها خطأً بدون قصد كمن أراد قول شيء فجرى على لسانه شيء آخر.
وهذا الحكم الحاسم الجلي في هذه المسألة ليس من مفردات الحنابلة بل هو بالاتفاق بين علماء السنة، كما أن القتال يشرع لأمور منها قتال الكفار للإسلام وقتال الممتنعين عن إقامة شعائر الإسلام الظاهره وقد أكثر تقي الدين الأمثلة على الأخير في ثنايا كتبه، وتضاعيف فتاويه، وقال الإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله في رسالة له ” عند ذلك إشتدت غربة الإسلام وإستحكم الشر والبلاء، وطمست أعلام الهدى وجاء من ينكر ويحذر منه ويعدّه خارجيا، قد أتى بمذهب لا يعرف لأنهم لا يعرفون إلا ما ألفته طباعهم” ووجود العلماء في محلة ما لا يمنع من ظهور الشرك بها وليس في ذلك حجة إقرار ولذلك أجوبة وانظر ما كتبه الإمام الصنعاني في ” تطهير الإعتقاد من أدران الإلحاد” في كشف تلك الشبهة، وفي رد الشيخ عبدالرحمن بن حسن على من أنكر عليهم تنزيل آيات المشركين على المسلمين قال.
” ومعلوم أن القرآن نزل بأسباب فإن كان لا يستدل به إلا في تلك الأسباب بطل الاستدلال بالقرآن وهذا خروج من الدين وأيضا فمازال العلماء من عصر الصحابة ومن بعدهم يستدلون بالآيات التي نزلت في اليهود وفي غيرهم على من يعمل بها” هذا وقد صنّف الإمام المجدد أحسن كتابين كُتبا منذ قرون في تقرير توحيد الألوهية ودفع ما يضاده، الأول في تأصيله وتقريره والدعوة إليه وهو كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد والثاني لدفع الشبه عنه وهو كشف الشبهات، علما بأن الشبه التي كشفها ودحضها الإمام في هذه الرسالة المختصرة المباركة هي الشبه الكبار للقبورية من لدن قوم نوح عليه السلام وهي الشبه التي إذا تمكن العامي من صدّها ودفعها فما سواها أهون وهي منتشرة على نطاق واسع في الإعلام المرئي والمسموع
والمقروء.