إنتاج لقاح شلل الأطفال.. إنجاز مصري جديد نحو الاستقلال الصحي
بقلم : على فتحى
حين نتحدث عن مستقبل مصر الصحي فإننا لا نتحدث فقط عن أرقام وإحصائيات بل عن إرادة دولة تسعى لتأمين حياة كريمة لشعبها وتأمين احتياجاته الصحية الأساسية هذه الإرادة تجلت بوضوح مع إعلان مصر عن إنتاج لقاح شلل الأطفال محليًا لأول مرة وهو خطوة نوعية تعكس الرؤية الثاقبة للمستقبل.
لقد كانت مصر دائمًا سباقة في مواجهة الأزمات الصحية وبفضل الجهود المتواصلة أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام ألفين وستة خلو مصر من شلل الأطفال بفضل حملات تطعيم وصلت إلى كل قرية ونجع لكن التحدي الحقيقي لم يكن فقط القضاء على المرض بل ضمان الاستمرارية وتحقيق الاكتفاء الذاتي ، واليوم يأتي مشروع إنتاج لقاح شلل الأطفال ليؤكد أن مصر تعي جيدًا أهمية التصنيع المحلي ليس فقط لتحقيق الأمن الصحي بل لتوفير موارد مالية هائلة حيث كانت الدولة تعتمد على استيراد ملايين الجرعات سنويًا الآن ومع إنتاج اللقاح محليًا بنسبة خمسة وستين في المئة ستوفر مصر حوالي خمسة عشر مليون دولار سنويًا وهو مبلغ يمكن توجيهه نحو تطوير البنية التحتية الصحية.
لكن الأهمية الحقيقية لهذا الإنجاز تتجاوز حدود مصر إنه تعبير عن التزام مصر بدورها الإقليمي والدولي حيث سيسهم إنتاج هذا اللقاح في دعم الدول الأفريقية التي تعاني من نقص كبير في مثل هذه المنتجات الحيوية مما يعزز مكانة مصر كقوة صحية وإنسانية في القارة السمراء ، كما إن قدرة مصر على تصنيع اللقاح محليًا تمثل شهادة على التقدم الذي أحرزته البلاد في مجال البحث العلمي والصناعات الدوائية ومن المقرر أن تبدأ عمليات الإنتاج في يناير ألفين وخمسة وعشرين مما يجعلنا على أعتاب فصل جديد من النجاح.
إن إنتاج لقاح شلل الأطفال ليس مجرد إنجاز طبي بل هو رسالة أمل ورسالة اعتزاز بالقدرات المصرية إنه دليل على أن مصر قادرة على تحقيق المعجزات حين تتوفر الإرادة إنه خطوة نحو مستقبل لا تكتفي فيه مصر بحماية صحة أبنائها فحسب بل تسهم في تعزيز صحة القارة بأكملها.
فهذه الخطوة الإيجابية يجب أن تكون بداية لجهود مستمرة نحو التوسع في إنتاج مزيد من اللقاحات والأدوية محليًا لأن الاكتفاء الذاتي هو السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات الصحية العالمية وتأكيد استقلالية القرار المصري في جميع المجالات.
