أفغانستان الجديدة
بقلم : على فتحى
منذ بداية الأزمة السورية كنت أتابع الأحداث بحذر عميق وأشعر بقلق متزايد الأزمة السورية لم تكن مجرد نزاع داخلي بين فئات الشعب بل تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية ، وفي رأيي الشخصي كنت أعتقد أن سوريا قد تشهد انفراجة في فترة من الفترات لكن مع مرور الوقت أصبح الوضع أكثر تعقيدًا ولا أستطيع إلا أن أرى أن سوريا تتجه نحو مصير مظلم من التدخلات الخارجية مثل إيران وروسيا وتركيا والولايات المتحدة والتي تدخلت لأسباب متنوعة جعلت البلاد تدخل في دوامة من الفوضى وزادت من صعوبة أي حل سلمي الأوضاع في سوريا التى أصبحت أشبه بما حدث في العراق بعد عام 2003 ، ففي العراق تدخلت القوى الدولية ودمروا الدولة هناك وتحولت إلى ساحة للقتال الأهلي والجماعات المسلحة وهذا سيناريو أشعر أنه قد يتكرر في سوريا وما يزيد من القلق أن سوريا أصبحت نقطة محورية لجميع القوى المتصارعة على الهيمنة في المنطقة .
من وجهة نظري سيظل الوضع في سوريا مستمرًا في التدهور ما دام الجولاني وحلفاؤه المسيطرون على الأرض هناك فالجولاني الذي كان في وقت سابق أحد القادة البارزين في القاعدة في العراق أصبح الآن أحد اللاعبين الرئيسيين في الشمال السوري هو الذي قاد جبهة النصرة التي أصبحت أحد أكبر الجماعات المسلحة في سوريا وحاول تبرير نفسه في البداية على أنه يقاتل من أجل الحرية لكنه تحول إلى زعيم سياسي يسيطر على مناطق شاسعة في سوريا، الجولاني الذي ارتبط اسمه بالإرهاب والعنف تم إعادة تصويره في الإعلام على أنه شخصية جديدة تسعى للتغيير وهو ما اعتبرته خدعة لتمرير أجندات خارجية تهدف إلى تدمير سوريا وتحويلها إلى نموذج مشابه للعراق حيث يتم تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ تخدم المصالح الأجنبية.
وفي ظل هذه الظروف الحالية أرى أن سوريا قد تجد نفسها في مصير مشابه للعراق حيث يتم تفكيك الدولة بشكل تدريجي ويُصبح الشعب السوري ضحية لهذا الوضع المدمر ما يثير الخوف اكثر هو أن هذه الفصائل المسلحة التي قادت صراعًا طويلاً ضد النظام السوري لا تسعى فقط لإسقاط النظام بل تهدف إلى السيطرة على الأراضي واستمرار الصراع في الوقت نفسه يأتى بدعم مباشر من القوى الكبرى لهذه الجماعات المسلحه لأغراضها الخاصة وهو ما يزيد الوضع تعقيدًا فمن خلال تدخلات هذه القوى ووجود الجماعات المسلحة في سوريا أرى أن الوضع سيظل مستمرًا في التدهور وأن سوريا قد تصبح نموذجًا جديدًا للمناطق المدمرة التي يسيطر عليها الإرهاب والفوضى من جهة أخرى لا يمكنني إغفال دور مصر في هذه الأزمة مصر التي كانت دائمًا حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي يجب أن تلعب دورًا محوريًا في منع انهيار الوضع في المنطقة كما إن قوة مصر العسكرية والسياسية تجعلها الدولة الوحيدة القادرة على المساهمة في تحقيق نوع من الاستقرار في المنطقة ، ولكن في رأيي الشخصي سيكون الوضع في سوريا أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى والمستقبل القريب قد يشهد المزيد من الأزمات فيبدو أن سوريا ستظل ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية حيث تصبح الأطراف الكبرى أكثر إصرارًا على الهيمنة بينما تزداد معاناة الشعب السوري يومًا بعد يوم.
في النهاية أعتقد أن ما يحدث في سوريا لن يكون إلا بداية لصراعات أخرى قد تمتد إلى دول الجوار سوريا لا تمثل فقط ساحة حرب بل هي رمز لما يمكن أن يصبح عليه الشرق الأوسط إذا لم يتم التدخل بشكل حاسم من القوى الكبرى والفاعلة من وجهة نظري إذا استمر الوضع على هذا النحو فإن سوريا قد تتحول إلى أفغانستان جديدة حيث يتم تقسيم البلاد وتسيطر الفصائل المسلحة على الوضع وتستمر التدخلات الأجنبية في تعميق الأزمة أكثر وأكثر.
زر الذهاب إلى الأعلى