إتخاذ سقط الناس قدوة وأسوة لأبنائنا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد لقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” لا تزولا قدما عبد حتى يسأل عن علمه ماذا عمل به ؟ وهذه الفترة وهي فترة الشباب هي المرحلة الذهبية من عمر الإنسان ولذا فإنه يسأل يوم القيامة عن عمره فيمَ أفناه وعن شبابه فيم أبلاه، كما أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
وإن كانت مرحلة الشباب داخلة في العمر، إلا أنها لما كانت مرحلة القوة والإكتساب كان السؤال عنها خاصة، فيجب على المسلمة أن تلتزم بشرع ربها وخالقها وباريها وفاطرها، فهو سبحانـه الذي خلق الخلق وهو سبحانه أعلم بما يصلح أحوالهم، والله سبحانه وتعالي هو الذي شرع هذه الشريعة وأمر بالتمسك بها، فلا صلاح للأمة إلا بالتمسك بها والعمل بمقتضاها، ومما يجب على المسلمة أن تبتعد عن مواطن الريبة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أبغض الأماكن إلى الله الأسواق وأن المرأة إذا خرجت إستشرفها الشيطان وأن بيتها خير لها، فيكون خروجها للسوق ونحوه بقدر حاجتها ويكون بوجود محرم لها، لا أن تكون خراجة ولاّجة تطوف الأسواق وتتعرف على كل جديد كل يوم، بل ربما كل صبح ومساء، ثم إذا خرجت المرأة من بيتها فإنها لا تخرج متطيبة ولا متجملة.
إذ المقصود من الحجاب هو الستر والحشمة والبعد عن الريبة، لا للفت الأنظار إليها سواء بشكل العباءة أو عطوراتها الفواحة، والأمر في غاية الخطورة وهو من الإثم بمكان، لقوله صلى الله عليه وسلم “أيما امرأة استعطرت مرّت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ” رواه أحمد، ولذا لما لقيت امرأة أبا هريرة رضي الله عنه فوجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار، يعني غبار قال يا أمة الجبار جئت من المسجد ؟ قالت نعم، قال وله تطيبتي ؟ قالت نعم، قال إني سمعت حبّي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول لا تُقبل صلاة لامرأة تطيبت للمسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة، فاذهبي فاغتسلي ” رواه لإمام أحمد، وقد أمرت المرأة أن تخرج إلى المسجد غير متعطرة ولا متجملة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ” أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ” رواه مسلم.
وقالت زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنه وعنها قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا ” رواه مسلم، ويجب على المسلمة أن لا تخضع بالقول للبائع ولا لمن تكلمه سواء كان ذلك بالهاتف أو مباشرة، وقد أدب الله تعالي أمهات المؤمنين، وهن القدوة والأسوة لنساء الأمة، ولهذا قال بعض العلماء إن المرأة إذا تكلمت فإنها تجعل إصبعها في فمها إذا كلمت الرجال الأجانب لأنه أبعد عن الخضوع في القول، لأن المرأة إذا خضعت بالقول ظن من في قلبه مرض أنها إنما خضعت لإعجابها به وهنا يتدخل الشيطان ليوقع بينهما وهذا ما يريده الشيطان أن يجعل بني آدم معه في النار، وقد أقسم على هذا، واليوم لا يقال تضع المرأة أصبعها في فمه، بل يقال لها لا تخضع بالقول ولا تتكسر في كلامها ولا في مشيتها.
وإنه يجب على المسلمة إذا كانت أُم أن تربي أولادها على هدي الشريعة لتنتفع بهم أولا، وتنتفع بهم الأمة ثانيا، فإن صلاح الأولاد مطلب ضروري، إذ أن صلاح الأولاد فيه خير كثير ونفع عظيم، فالولد الصالح يكون بارّا بوالديه حال حياتهما وبعد وفاتهما، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان إنقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ” رواه مسلم، فتربية الأولاد الذكور والإناث إنما تكون على معالي الأمور والترفع بهم عن سفاسفها، فإن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها، كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتربية الإيمانية على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا على حب المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات، واللاعبين ونسيان نجوم الأمة من أعلام الصحابة.
وأئمة الهدى وإتخاذ سقط الناس قدوة وأسوة لأبنائنا وبناتنا، فعندما تموت امرأة غربية كافرة، أويموت مغني مسلم لم يقدّم لأمته سوى طرب وزمر تضجّ الصحف بل عامة وسائل الإعلام ويموت في عام واحد عدد من علماء الإسلام فما يذكر كثير منهم بل ربما لم يُعرف بعضهم.