أنا اشك إذن أنا موجود
بقلم / محمد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن خير الكلام كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد إن موضوع الذات من المواضيع الجدلية التي يمكن إعتبارها قضية شائكة بسبب عدم وضوح المفهوم من جهة، وقبوله لعدة تفسيرات نظرية محتملة، ومن هنا كان توجهنا للمساهمة في إغناء هذا الموضوع الحيوي في حياة أي إنسان، أنا اشك إذن أنا موجود، وهذه نتيجة ديكارت، لتأكيد الذات بشكل فلسفي، نظري بحت، أي أن مفتاح الوجود هو الشك أي التفكير الذاتي.
أما إذا بحثت المسلمات وقلبتها رأسا على عقب، إذن أنت موجود أو أنتي موجودة، فإن توكيد الذات هو عملية تتضمن عده امور منها التواصل مع الآخرين بشكل اكثر صريح ومباشر، والقدرة على قول كلمة لا، والتعبير عن مشاعر الغضب بدون توتر، والتعبير عن الذات بشكل صريح وببساطة، والشعور بالراحة وعدم التوتر بمواقف جديدة غير معتادين عليها، والحصول على الإحترام والتقدير من الآخرين حولي كأقراني وعائلتي، والتمتع بحقوقي الشخصية، دون سلب حقوق الآخرين، ولعلنا بالإستدلال العكسي نتوصل الي السلبيات نتيجة إنخفاض توكيد الفرد لذاته، وتعريف توكيد الذات هو قدرة الفرد على التعبير الملائم لفظا وسلوكا عن مشاعره وأفكاره وآرائه تجاه الاشخاص والمواقف من حوله والمطالبة بحقوقه التي يستحقها دون ظلم أو عدوان.
وبذلك يستوجب التعريف بين الشخص المتزن والمتكبر والمتذلل، فالمتزن هو الذي يقدر نفسه حق قدرها بحسب مايستحقه، والمتكبر ينفخ ذاته ويعطيها منزلة أكبر مما تستحقه، والمتذلل يبخس نفسه حقها وينزلها اقل من منزلتها، ويتبادر السؤال عما هي العلاقات الدالة على ضعف توكيد الذات؟ والذي تتلخص الاجابة عنه في الميل الى موافقة الآخرين ومسايرتهم في اغلب الاحوال، والإذعان لطلبات الآخرين ورغباتهم ولو على حساب حقوق الشخص وراحته، والتواضع الزائد عن حده في مواقف لا يناسب فيها ذلك الذلة، وكذلك الحرص الزائد على مشاعر الآخرين وخشية إزعاجهم، وأيضا ضعف القدرة على إظهار المشاعر الداخلية والتعبير عنها، وأيضا ضعف القدرة على إبداء الرأي ووجهة النظر، وأيضا ضعف الحزم في إتخاذ القرارات والمضي فيها.
وكذلك ضعف التواصل البصري ونبرات الصوت، وبالتالي هناك مفاهيم خاطئة حول ضعف توكيد الذات تنحصر في أن هذا هو الحياء المحمود شرعا والمقبول عرفا، وأن هذا من التواضع المطلوب ومن الإيثار ومن لين الجانب ومحبة الآخرين، ويجب أن لا أزعج الآخرين ومشاعرهم أبدا وألا أجرحها بإبداء مشاعري وآرائي وطلباتي، وكما يجب أن أكون محبوبا من الجميع مقبولا عندهم معروفا باللطافة والدماثة، ويجب أن أقدم رغبات الآخرين ومشاعرهم على رغباتي ومشاعري دائما، والشخص المؤكد لذاته له سمات وخصائص وهي التوفيق بين مشاعره الداخلية وسلوكه الظاهري كذلك لديه القدرة على إبداء ما لديه من آراء، ورغبات بوضوح وفي نفس الوقت لديه القدرة على الرفض والطلب بأسلوب لبق ولديه القدرة على التواضع مع الآخرين بصريا ولفظيا وبطريقة لبقة.