منوعات

المستشار عمرو الريدي يكتب … “الوطن… هل هو حب غير مشروط أم علاقة تبادلية؟”

المستشار عمرو الريدي يكتب … “الوطن… هل هو حب غير مشروط أم علاقة تبادلية؟”

في زحام الكلمات وتزاحم الأفكار، قد تعجز اللغة عن وصف ما يسكن القلب من مشاعر تجاه الوطن. فما أنا إلا قطرة في بحر، أحاول أن أستعير بلاغة القول وروعة البيان لأعبر عن إحساس لا تترجمه الحروف، ولكنه ينبض في الصدور، يسري في الدم، ويترجم في الأفعال.

الوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، وليس فقط تلك الحدود المرسومة على الخرائط، بل هو الهوية، الانتماء، الأمان، والتاريخ. هو الكيان الذي يحتوينا، والذي من دونه يصبح الإنسان بلا قيمة، مجرد عابر لا جذور له. إنه قصة عشق أبدية بين الإنسان والتراب، حب يولد معنا ويكبر في قلوبنا، لكنه أيضًا مسؤولية تتطلب منا الفعل لا الشعارات.

الوطن… قيمة لا يراها إلا من يدرك ثمنها

هناك من ينظر إلى الوطن على أنه مجرد أرض، يقدّر قيمته فقط عندما يصبح مهددًا أو عندما يجد نفسه بعيدًا عنه. وهناك من يدرك أن الأوطان لا تُقاس بمقدار ما تمنحه لنا فقط، بل بمقدار ما نحن مستعدون لنقدمه لها. فالوطنية ليست مجرد شعور، بل هي التزام يتجلى في أصعب الأوقات، عندما تزداد التحديات وتكبر المسؤوليات.

“وطن لا يوفر لي لقمة العيش، لماذا يجب أن أحميه؟”

استوقفتني كلمات قالها شاب عربي:

“إذا كان الوطن لا يمنحني حياة كريمة، فلماذا يجب أن أدافع عنه؟”

قد يبدو هذا السؤال منطقيًا للبعض، لكنه يحمل في طياته اختزالًا خطيرًا لمعنى الوطن. نعم، الظروف الاقتصادية والسياسية قد تكون قاسية، ولكن هل الوطن هو المسؤول الوحيد عن ذلك؟ هل يجب أن نتركه عند أول أزمة، أم أن علينا أن نكون جزءًا من الحل؟

التاريخ مليء بأمثلة لدول نهضت من تحت الركام، لأن شعوبها لم تتخلَّ عنها في أصعب الظروف. اليابان، ألمانيا، كوريا الجنوبية… كلها دول مرت بكوارث اقتصادية وسياسية، لكنها لم تستسلم، بل بنت مستقبلها بسواعد أبنائها، وليس بالهروب أو إلقاء اللوم.

الوطن… مسؤولية لا تقبل المساومة

للوطن صقور تحميه، وأبطال يدافعون عن كرامته، وأي أمة لا تدرك قيمتها، سيتولى الآخرون رسم مصيرها. ما قامت به مصر خلال السنوات الماضية، وما صنعه شعبها عندما قرر استعادة وطنه، هو أكبر دليل على أن التاريخ يُكتب بإرادة الشعوب، لا باستسلامها.

حين وقفنا وقلنا: “إما عضوية دائمة في مجلس الأمن، وإما حله”، لم يكن ذلك مجرد تحدٍّ، بل كان إعلانًا أن مصر ليست هامشًا في المشهد العالمي، بل لاعب رئيسي يعرف كيف يدير معركته.

في عام 2013، عندما غيرنا التاريخ، لم يكن ذلك ضربًا من الحظ، بل كان نتيجة وعي شعب وإرادة قيادة استخدمت أدوات خصومها لصياغة مستقبلها. واليوم، نحن لسنا مجرد متفرجين، بل نملك أوراق اللعب، ونعيد توجيه المخططات وفق إرادتنا، لا وفق إرادة الآخرين.

رسالة إلى الشباب: لا تسمحوا لأحد بالتحكم في أفكاركم!

الوطن ليس كاملًا، ولا يوجد وطن مثالي. لكن الفرق بين من يترك وطنه ينهار، ومن يبنيه رغم كل شيء، هو الفرق بين أمة تنهض، وأخرى تضيع في زحام التاريخ.

لذا، أسألكم:

هل الانتماء للوطن يجب أن يكون مشروطًا؟ أم أن الأوطان تُبنى بمن يصرون على صنع مستقبلها؟

في انتظار آرائكم… لأن النقاش هو أول خطوة نحو التغيير!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى