منوعات

“الاغتصاب الزوجي: جدل مجتمعي حارق بين الحقوق الزوجية والعنف الأسري”

“الاغتصاب الزوجي: جدل مجتمعي حارق بين الحقوق الزوجية والعنف الأسري”

بقلم الاستاذ : عمرو الريدي – المحامي 

شهدت ساحات مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة جدلاً واسعاً حول قضية أثارت انقساماً حاداً بين مؤيدين ومعارضين، وهي قضية “الاغتصاب الزوجي”، التي تصدرت حديث النساء والمنظمات الحقوقية، حيث تم الكشف عن وقائع لنساء تعرضن للإكراه على إقامة علاقة زوجية دون رضاهن، عبر مقاطع فيديو وتدوينات على منصات مثل فيسبوك وتويتر.

منظمة حقوق المرأة تطالب بتشريع جديد

طالبت منظمات حقوق المرأة بضرورة إقرار تشريع جديد يعاقب على ما وصفته بجريمة “الاغتصاب الزوجي”، باعتبارها أحد أشكال العنف الأسري التي يجب تجريمها. وتعتبر هذه الدعوة خطوة غير مسبوقة في المجتمعات العربية، حيث ترتبط هذه القضايا بحساسية ثقافية واجتماعية شديدة.

بين الجدية والسخرية.. ردود فعل الشارع

رغم جدية القضية، لم تخلُ ردود الفعل من السخرية على منصات التواصل الاجتماعي. تداول رواد المواقع نموذجاً ساخرًا أطلقوا عليه “طلب موافقة للعلاقة الزوجية”، وهو تعهد مكتوب بين الزوجين يضمن موافقة الطرفين على إقامة العلاقة ويحمي حقوقهما، في مشهد أثار الكثير من النقاشات حول جدوى هذه الدعوات.

الاغتصاب الزوجي في ميزان القانون

الخبير القانوني عمرو الريدي يوضح أن مصطلح “الاغتصاب الزوجي” أثار جدلاً قانونياً حول إمكانية تطبيق نصوص قانون العقوبات الحالية عليه. فالمادة 267 من قانون العقوبات المصري تنص على معاقبة من يواقع أنثى دون رضاها بالسجن المشدد أو المؤبد إذا كان الجاني من أصول المجني عليها. إلا أن المادة 60 من نفس القانون تستثني الأفعال التي تتم بنية حسنة تطبيقاً لحقوق مقررة في الشريعة الإسلامية، ومن بينها العلاقة الزوجية.

وأضاف الريدي: “القانون يميز بين الجريمة العامة التي تشمل الاغتصاب، وما يرتبط بالحقوق الزوجية التي ينظمها الشارع والدين الإسلامي. وبالتالي، فإن اختلاء الزوج بزوجته في إطار الزواج لا يعد جريمة”.

الجدل يتصاعد: بين الحقوق والخصوصية

الفريق المؤيد لتجريم “الاغتصاب الزوجي” يرى أن إجبار الزوجة على إقامة علاقة دون رضاها ينتهك كرامتها ويشكل نوعاً من العنف الأسري. بينما يرى المعارضون أن العلاقة الزوجية لا يمكن إخضاعها لمفاهيم قانونية، مؤكدين أن مثل هذه الدعوات تفتح الباب أمام دعاوى كيدية قد تزيد من الشقاق بين الأزواج.

مشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة

في هذا السياق، المجلس القومي للمرأة قد أعد مشروع قانون لمكافحة العنف ضد المرأة في عام 2016. تضمن المشروع تعريفات لمفاهيم مثل التحرش الجنسي والعنف الجسدي والنفسي، ووضع تدابير لحماية النساء ضحايا العنف. كما استحدث المشروع نصوصاً تتعلق بالعقوبات البديلة مثل العمل المجتمعي، بهدف تقليل الآثار الاجتماعية للعقوبات السالبة للحرية.

أزمة اجتماعية أم جدل قانوني؟

إثارة هذه القضية دفعت البعض للتساؤل عن مدى جدوى مناقشة مثل هذه الموضوعات الحساسة في مجتمع عربي محافظ. في الوقت الذي يطالب فيه البعض بتطوير التشريعات لتواكب التغيرات الاجتماعية، يرى آخرون أن تناول العلاقات الزوجية داخل الغرف المغلقة يخالف القيم المجتمعية ويهدد حرمة الحياة الزوجية.

خاتمة

يبقى الجدل حول “الاغتصاب الزوجي” مفتوحاً في المجتمعات العربية، بين من يعتبره خطوة ضرورية لحماية حقوق المرأة، ومن يراه تجاوزاً للخصوصية الزوجية. وفي كلتا الحالتين، تبقى هذه القضية اختباراً حقيقياً لموازنة حقوق المرأة وحقوق الأسرة في المجتمعات التقليدية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى