أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أنشأ الكون من عدم وعلى العرش إستوى، أرسل الرسل وأنزل الكتب تبيانا لطريق النجاة والهدى، أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا حصر لها ولا منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرتجى، ولا ند له يبتغى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن نواقض الوضوء، وقيل أن من موجبات الوضوء هو مس الفرج من غير حائل، وكما إختلف العلماء في مس المرأة فرجها؟ هل ينقض الوضوء أم لا؟ فقيل لا ينقض مطلقا، وهو مذهب الحنفية، وقيل ينقض مطلقا، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وإختلف النقل عن الإمام مالك، فقيل عليها الوضوء كالرجل، وقال ابن عبدالبر في كتابه الكافي وهو الأشهر.
وكما قيل لا يجب عنها إلا أن تلطف وتلتذ، وقيل لا يجب مطلقا، حكاه جماعة بأنه هو المشهور من المذهب، وأما عن دليل من قال يجب عليها الوضوء، فالدليل الأول، هو ما رواه الإمام أحمد من طريق بقية، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من مس ذكره فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ” والدليل الثاني، وهو ما رواه ابن أبي شيبة من طريق مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن السيدة أم حبيبة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من مس فرجه فليتوضأ” وأما عن وجه الاستدلال وهو قوله صلى الله عليه وسلم ” من مس فرجه” فكلمة “من” هى من ألفاظ العموم تشمل الرجل والمرأة، وسوءة المرأة يقال لها فرج، كما قال الله تعالى “والحافظين فروجهم والحافظات”
والحديث وإن كان قد إختلف فيه، هل سمع مكحول من عنبسة أم لا؟ إلا أنه شاهد للحديث الأول من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، وأما الدليل الثالث، وهو ما رواه الإمام الطبراني في كتاب الصغير من طريق أصبغ بن الفرج، حدثنا عبدالرحمن بن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبدالملك النوفلي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب، فقد وجب الوضوء” ووجه الإستدلال هو أن الحديث علق الوضوء بمس الفرج، ولو علقه بالذَّكر لقيل إن الحكم خاص بهذا المسمى، والمرأة ليس لها ذكر، فحين علقه بمسمى الفرج، فما ثبت لفرج الرجل ثبت لفرج المرأة إلا بدليل، ثم إن كلمة ” فرجه” أي أن الفرج هو إسم جنس مضاف، فيعم كل فرج.
وذكر الذكر في حديث بسرة لا يقتضي تخصيص الفرج، لأن الذكر بعض أفراده، وذكر فرد من أفراد المطلق أو العام بحكم يوافق المطلق والعام لا يقتضي تخصيصا، كما أن من نص على أن الفرج لا يدخل في مسمى الذكر إنما أخذ بطريق المفهوم، والمفهوم لا عموم له، وأما الدليل الرابع فهو ما رواه الإمام الطحاوي من طريق عبدالله بن المؤمل المخزومي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن بسرة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت المرأة تضرب بيدها، فتصيب فرجها؟ قال صلى الله عليه وسلم ” تتوضأ يا بسرة ” وقيل هذا حديث منكر، وأما عن الدليل الخامس وهو ما رواه الإمام الدارقطني من طريق عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر بن حفص العمري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون” وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها بأبي وأمي، هذا للرجال، أفرأيت النساء؟ قال ” إذا مست إحداكن فرجها، فلتتوضأ للصلاة ” وقال الدارقطني عبدالرحمن العمري هو حديث ضعيف، بل وقيل بل الحديث ضعيف جدا، وأما الدليل السادس وهو ما أخرجه الإمام البيهقي من طريق أبي موسى الأنصاري، ثنا الوليد بن مسلم، عن عبدالرحمن بن نمر، قال سألت الزهري عن مس المرأة فرجها أتتوضأ؟ فقال أخبرني عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه، فليتوضأ” والمرأة كذلك، وقوله والمرأة كذلك، من قول الزهري وليس من الحديث المرفوع.