منوعات

أصحاب القبور بين العذاب والنعيم

أصحاب القبور بين العذاب والنعيم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن موضوع عذاب القبر وإن عذاب القبر ونعيمه ثابتان بنصوص الكتاب والسنة، ويجب الإيمان بهما، ويلحقان الروح والبدن معا وقد نقل على ذلك إتفاق أهل السنة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه ” بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا بإتفاق أهل السنة والجماعة، حيث تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما يكون للروح مفردة عن البدن، وكما قال وإثبات الثواب والعقاب في البرزخ ما بين الموت إلى يوم القيامة وهذا قول السلف قاطبة وأهل السنة والجماعة.

وإنما أنكر ذلك في البرزخ قليل من أهل البدع، والأدلة على إثبات عذاب القبر ونعيمه كثيرة منها ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة ضي الله عنها قالت ” فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع، وإذا كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعا ” وفي حديث البراء بن عازب الطويل الذي رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والحاكم وغيرهم بسند صحيح وأوله “إن العبد المؤمن إذا كان في إنقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه ” وفيه ” يحملونها أي الروح في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويصعدون بها، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في علين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه وفيه ” فيفسح له في قبره مد بصره “

وفيه عند الحديث عن العبد الكافر وأن الملائكة تصعد بروحه فلا تفتح له أبواب السماء ” فيقول الله اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً، فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ” وفيه ” ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه” وهذا صريح في أن الروح مع الجسد يلحقها النعيم أو العذاب، ويمكنك الوقوف على نص هذا الحديث العظيم كاملا بالبحث عنه في موسوعة الحديث الشريف بهذا الموقع، وأما الدليل على أن النعيم قد يلحق الروح منفردة عن البدن فهو في ما سبق من كون الروح تصعد إلى السماء وتفتح لها أبواب السماء، وأيضا روى أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إنما نسمة المؤمن طائر معلق في شجر الجنة، حتى يبعثه الله إلى جسده يوم يبعثه”

فمجموع النصوص يدل على أن الروح تنعم مع البدن الذي في القبر، أو تعذب، وأنها تنعم في الجنة وحدها، ومما ينبغي التنبيه عليه أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه إن لم يتجاوز الله عنه، قبر أم لم يقبر ، فلو أكلته السباع، أو حرق حتى صار رمادا، أو نسف في الهواء، أو أغرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل من المقبور، قاله ابن القيم رحمه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى